أربع ساعات ونصف
منقذ أبو الهيل | العراق
“الساعة الواحدة”
جرّاحُ الساعات
طبيب الوقت
إنّه وحده من يعرف سرّ الأيام
حانياً ظهره بشدّة
أو قلقاً أحياناً
ليكون الوسيط الأمثل بين الإنسان والزمن
الزمن الذي يختصره بتفحّص حاسم
وهو يصلح ساعات عديدة
في غضون ساعة واحدة.
“الساعة الثانية”
في قاع الوقت تختبئ الساعة
فراغ مستديم يحول بين عقاربها والزمن
فلنسمّه التباطؤ
أو فلنباغته بالنسيان
وهكذا سيفحّ جرسها
متضوّراً لأوقاتنا الفضفاضة
بينما نحن
نقع دائماً
ذريعة لبحّة المكان
“الساعة الثالثة”
هكذا أرادها “سلفادور دالي”
هي ليست مسطّحة كما ينبغي لها أن تكون
ولا رغويّة صالحة للاستحمام من ميكروبات الوقت
ولا ملتصقة بمعصم أو جدار
ولا مصيدة للنمل
وإنّما هي شاهدة على أوقاته الدبقة.
“الساعة الرابعة”
وأنا أتعدّى الأربعين
أذرع الرصيف المستدير كالصفر
الحائل دون الساعة الواحدة والثانية عشرة
أهزّ خيطاً من الضياع
فيسقط الوقت نحو الرابعة
أسمع همهمات عقاربه الرتيبة
وهي تضوع في الخذلان
وتمشي خلسة على أطرافها
لتنجو بوقتها
أقول: يا إلهي
الساعة الآن:
الرابعة والصفر عمراً
وأقضم ندماً ما تبقّى.
“نصف ساعة”
انتظرتُكَ طويلاً عند النهر
وحين لم تأتِ
شطرت ساعتي إلى نصفين
احتفظت بالنصف الأوّل من عمري
ورميت الآخر في “دجلة”