قراءة انطباعية في نص (أ. ح. ب. ك) للشاعرة السورية فوزية أوزدمير

عايدة حاتم | إعلامية سورية

أنشودة صوفية بامتياز، روح هائمة تبحث عن حقيقث الحب الصادق ..عن ماهية هذا العشق اللامتناهي .. روح تدور في فلك خالقها انعتقت للتو من سجن ذاك الجسد الفاني البائس…. لا حقيقة على هذه الأرض سوى الله ..لا أنس إلا بقربه ولا عشق إلا لذاته ..تباً للجسد وملذاته.

نلامس رقة الأنثى بين السطور تنساب كقطرة. ماء عذب..  تدور وتدور…. أرهقها الجسد وعشاقه…… هي روح جميلة ليست جسد… .. تلك الحقيقة جلية كضوء النهار… وكل ما عداها للفناء..  أحلامنا كبيرة تعانق السماء… كيف غفونا على أكاذيب واهية ،،، خيالات وأوهام ..توهمنا الحب وما أحببنا سوى أنفسنا… صلواتنا بلاطهارة قلب… كيف ستقبل؟

نرتدي عباءة الزهد والنسّاك… ويستعيذ الشيطان من خبثنا… النفس المعذبة المرهقة ما تزال ..منذ كان يا ماكان ..ولهذا العصر والأوان.

 كلما قرأت نصاً للأستاذة الكبيرة فوزية أوزدمير تحلق روحي بعيداً .أدور معها كالدراويش وأردد ما تقول مغمضة العينين أردد بقلبي.. العالم يهجع تحت الثلج… لن يذيب هذا الثلج سوى إشراقة الحب الإلهي لتنقذ الأرواح من عتمة هذا الليل المتهالك… لننشد معها… أ.ح.ب.ك… .يارب

***

نص الشاعرة السورية فوزية أوزدمير:

 

بكل الهدوء

ويحدث أن أنام في الفراش

وأنا ..

 أشبه حصاناً أسود وحيداً

وصهيل مبلّل بالانكسار

رأسي تحت المخدة

وأحلامي فوق الغيمة

والقمر كذبة

ننام عليه كلّ مساء

فنصدق بأننا عاشقين 

ولا أقول الآن

كان ياما كان ،

وكل شيء على مايرام

وأنا مليئة بشظايا الزجاج

فقبل قليل سقط درويش

من بين كأس رؤياي

يحطّ في ظلّي موت يرتل صلوات

البقاء والانتماء ،

ويقسم بالشفع والوتر

حتى مطلع الفجر

وعِظة راهبة ولدت

مراراً .. مراراً ،

على كرسي الاعتراف

في أماكن العوم العميقة

وقاست أضعافاً

في ذاكرة الهنا والهناك

تأتي في مؤخرة كعب الحذاء العالي

على راحتيها الراجفتين الرطبتين

حيرى في الظلام

كما كلمات في عين أعمى

و فم أبكم

طيفاَ آخر .. طيفاً

يلبس فقط جلدي

كهسهسة لسانية

قبل السقوط الأخير

تملأني الدهشة ويغمرني الملّل

كإنسانٍ يستيقظ قبل الفجر ،

وفي الليل لم ينم

تحت سماء رمادية

تدحرجني محدثة قرقعة

متصادمة بشكل عفوي أشياء

وبراويز صور عارية

كرقائق الدفوف في الماء

في الغيهب دون قابلة ،

 أو ذاكرة ..

ملتحفة أناتها

 أنات ، أنتين

هامسةً هذا قلبي كاملاً

من غير نقصان

حين يبدأ الليل بالتلوّن

قليلاً مع الفجر

لهاث صبي من مكانٍ ما

بعيد .. بعيد

يدخل في هذا الكون

كدخوله في دينٍ بكر

يتلو آيات الوِرد الحكيم

مخلوق الصلاة

حافياً يهمس مترنماً

 اضطراب يتنفس شذا التفاح

أ ح ب ك ،

مثلما تحبّ

بعض الأمور الناقصة سراً

بين الظل والروح

ولا يريد أن يكون غريباً

كالصدفة التي أنجبته أوّل مرّة

يدخل برجله اليمين

هذا الليل البهيم

على ذمة وملّة

الأبيض والأسود مُتهالكاً

ويخشى أن يكون متأخراً

يبكي ويقبل يدّ الله

قال لي ذات مساء

العالم يهجع تحت الثلج

أسمع ريح منتصف الليل تعوي ،

وأنت تنامين في فراغ الخيلاء

وأنا أحمل إلى الخلاء

روحي البائسة

جيئة وذهاباً

ماذا يبقى تحت قبة السماء ..؟

أيعقل أن يكون ثمة

حب أكبر من هذا ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى