تَهويماتٌ في الساعةِ الهامدةِ من الليلِ.. وَردةُ الصَبر العَتيقَة

فايز حميدي | أديب فلسطيني مغترب

-١-
تقولُ فتاةُ الآلامُ الدِمشّقيةُ :
يا دِمشقُ يا طُفولة النَّهارِ
أمشي على مُهجَتي إليكِ
وفي العينينِ دمعةٌ …
أمشي ولا أصلْ !!!
لا شَيءَ سِوى الصَدى مُطرزاً بالألمِ
سِوى رَمَدٌ في الجِفونِ
سِوى الجُنونِ !!
يا دَوامةَ الرُعُبِ
رُكاماً
وَرِمالاً
وَيَباباً
يا صَهيلَ الحَنينِ
البلادُ تَنزفُ دَماً من مآقِينا
يا عِنِبَ دارَيا
-أضحكَ الله سِنكَ-
يا زَيتونَ المعَضميَّة
أُضَاحِكُكَ وأنْتحِب في رَفةِ الهُدُبِ
وَصَدى مَذاقُ تِينَ الغُوطَتينِ في ذَاكِرَتي
يا سِلالَ الرَحيلُ الطَويلِ
يا لهفةَ التائِهينَ
يا جُثةَ الضُحى والرؤى الحَزينة
يا صُفرةَ النهارِ المُرِيبةِ جَفافاً وأنينا
أنّةُ مَدينتُنا
سافَرتْ في الجوعِ في ظِلِها الجَريحِ
في يأسِها المَريرُ
بِلادٌ هارِبةٌ بِدَمِها
وَرايةُ (المُنقذِ الغَريبِ) تُلاحِقُها
تُلونُ كِنانةَ اللهِ* بِألوانِ الهِجرةِ
تُرسِل خِوارِها اليائس
وَتَتلوى في جَحيمِ الهاويةِ
تَندبُ أبْوابُها وَنَوافِذُها الحَزينة
رابيةٌ تَبكي
وَحِجارةٌ سَوداءُ تَنبتُ لها عيون
تُطفئُ النَسغَ وَتغتالُ الجُذور
الموتُ يا دِمشقُ هامَسني على كَفني
وأزهارُ الياسمينِ نَعتني
وَتُرتلُ مَرثيةِ الرَحيل ..
يا لهيبَ السُجونِ وَكهوفَ الضَلالِ
يَئِسنا من فَجرِكُم المُظلم
والمَقابِرُ تتناسلُ مَقابِرٌ
آهٍ يا ضياءَ الحياةِ ….

-٢-
أُغالِبُ دَمعةٌ لا أرْتضِيها
وأنشدُ فرحةً لا أدعِيها
وَتلبِسُ عَتمةَ اللياليَّ البِلادُ
وَترْخي أزرارِها الأيَّامُ
يا سَكتةَ الفَجيعَة !!
يا غيومُنا النَحِيلةَ !!
يا مَطرَ الحَنِين يُنوِرُ بِأزاهيرهِ
يا فِطرةَ الرّوحِ الدِمشقيَّة
نَقيّةٌ كالشَمسِ عِندَ مَطلِع الفَجر ..
يا حُلُماً يَسكنُ بينَ الضَوءِ والعُشبِ والحَصادِ …
يا يباسِ أَمسِنا
يا رَبِيعاً دَبَّ بالجُذورِ ..لِتبدأَ الحَياةِ
هوَ الرمادُ ..استَنهَضَ الرِّيح والإنبعاثُ من جديدٍ ..
هامَسَني صَوتٌ :
يا وَردةُ الصبرِ الفَتيةُ
يا سَقسَقة الجَداولِ
متى نَملأُ بِالزارِعينَ الحُقولا ؟؟
ونكبرُ مع السنابلِ والفَجرُ الأصيلا
يا دِمشقُ يا عِشتَار** الحُبِ
متى نُطبِقُ على الحُلُمِ الجِفونا ؟؟
متى نُشارِكُ الفجرَ أعراسِهِ ؟؟
متى نُسرِجُ الأَفراسَ ؟؟
ونَعبرُ إلى غَدِنا شُموعاً مُضِيئة !!!!
…..
– كنانة الله : من أسماء دمشق بالتاريخ .
– عشتار : آلهة الخصب والحب السورية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى