سوالف حريم.. ذات صباح
حلوة زحايكة | القدس – فلسطين
أشعر بالتعب بعد يوم من السهر، مع طفلي البكر طارق، عمره ثلاثة أعوام ونصف، لقد كانت حرارته هذه الليلة مرتفعة إلى أن وصلت درجة حرارته 40، بقيت مستيقظة بجواره أعمل له كمادات من المياه الباردة، وكنت قد ناولته دواء خافضا للحرارة، إلى أن هبطت واطمأنت نفسي أنه بخير، وكانت الساعة قد جاوزت الواحدة في منتصف الليل، ثم غفوت بضع ساعات وها أنا ذا أستقيظ في الساعة الخامسة صباحا، لدي العديد من الأعمال المنزلية، فأنا أحب أن أعمل باكرا، مثل ما كانت تقول لي والدتي من سرى باع واشترى، وقبل أن يستيقظ أطفالي وزوجي.
توجهت إلى أسفل الحديقة، يجب أن أقوم بري مزروعاتي، فأنا عاشقة للزراعة وأعتبرها مثل أطفالي، فلكل واحدة اسم منها، وتاريخ ميلاد يوم زراعتها، وأراقبها جيدا وأشاهد كل يوم كيف تنمو وتكبر كأنها أطفالي تكبر أمامي، تناولت خرطوم المياه وبدأت الري قوارا قوارا وأنا أنظر وأتفحص كل واحدة عندما أمر عليها وأشاهد التغير الذي يحدث فيها، شاهدت الصبارة التي اشتريتها قبل عام التي كانت بحجم طابة كرة الطاولة كيف كبرت وأصبح لها عائلة جديدة تكونت بجوارها، فقد أنجبت العديد من الأطفال، يلتصقون بأمهم كأنهم يحتمون بها، والأم قد ازهرت وردة واحدة كانت بشكل بوق نهدي يتراوح طوله سبع سنتمتر ناعمة لا تصدق بأن تلك الصبارة تخرج زهرة بذلك الجمال والروعة.
تابعت ري مزروعاتي وأنا أنظر إلى الشمس كيف تصحو من غفوتها وتشق الشفق الأحمر خارجة تبعث نورها، ما زالت باهتة اللون وحرارتها ضعيفة، ثم انتقلت إلى الجهة الثانية من المنزل وتابعت الري، وشعرت بالبرودة واقشعر بدني فملابسي ليست ثقيلة، والمنطقة باردة من هذا الاتجاه.
بعدما أنهيت تلك المنطقة قمت بقصف خرطوم المياه حتى لا تتدفق المياه، وبدأت بنزول الدرج إلى الحديقة السفلية، ثم أعدت تدفق المياه إلى المزروعات، كانت رائحة زهر الليمون تعبق المكان وتنعش الروح والفؤاد، فهي شجرة ليمون من النوع الذي يزهر شهريا، وقفت بجوارها وبدأت أرويها وأنا أشاهد حبات الليمون الكبيرة والصغيرة، والزهر الذي بدأ ينعقد والزهر غير المنعقد والرائحة المنبعثة منه، كيف كانت الأغصان التي تحمل حبات كبيرة تنحني إلى أسفل أكثر من الأغصان التي تحمل حبات أصغر، أو من التي لا تحمل غير الأزهار، تركت خرطوم المياه يسقي الشجرة لوحدة، وتوجهت إلى مكان أضع فيه ثلاث بطات، فتحت الباب وأخذت الوعاء ثم غسلته وملأته بالماء النظيف، ووضعت لها العلف، كانت واحدة منهن تجلس فوق بيضها منذ أيام، إنه موسم التكاثر، والبطتان الأخريان لحقتا بي وهما تفتحان منقاريهما كأنهما تتحدثان معي، ويفهم كل منا لغة الآخر، وأنا أشعر بسعادة لمنظرهما الجميل، سحبت خرطوم المياه بعد ما ارتوت الليمونة وتوجهت إلى شجرة البرتقال، لم يكن عليها غير خمس حبات برتقال صغيرة، فهي ما زالت شجرة صغيرة، وضعت خرطوم الماء تحتها يتدفق الماء لوحده بعد أن ثبت الخرطوم بحجر حتى يبقى في مكانه، ولا يبتعد عن الشجرة.
كان هناك بالقرب منها ثلاث سلاحف اثنتان كبيرتان وواحدة صغيرة، وقد أطلقت عليهم أسماء، سلحف وسلحفه والأصغر سليحف.
توجهت إلى السلاحف وداعبتها قليلا، ثم أسرعت أغلق صنبور المياه وعدت أدراجي إلى داخل البيت، كانت الساعة ما تزال السادسة والنصف، تفقدت أطفالي الإثنين، ووضعت يدي اليمنى على جبين ابني أتفقد درجة حرارته، الحمد الله هو بخير، وبدأت بتحضير الإفطار قبل أن يستيقظوا وتبدأ المعركة مع اليوم.