أعيديني إلى مائي وَ طيني
ياسر فايز المحمد | سورية
أعيديني إلى مائي وطيني
أنا والله مَشبوبُ الحَنينِ
///
لأيَّامِ البَساطةِ ذات عُمْرٍ
مُوشًّى بالمحبَّةِ و اليَقينِ
///
لبَيتٍ عابقٍ بالصِّدق يَروي
حكاياتٍ عنِ الفقرِ الرَّزينِ
///
لِأُنْسِ الدِّفءِ مِنْ( كانونِ نارٍ)
يُجَمِّعُنا كما طوقٍ ثَمينِ
///
فَتَغْلي جَدَّتي إبريقَ (شايٍ)
و تَحكي قِصَّةَ الذِّئبِ اللَّعينِ
///
دَعا الحُملانَ فانصاعَتْ إليْهِ
فَغَزَّ النَّابَ في حَبْلِ الوتينِ
///
لدَمعِ الغَيمِ يَدخُلُ ثُقْبَ سَقفٍ
يزيلُ النَّومُ عَنْ ليْلِ الجُفونِ
///
لصَوتِ الرَّعدِ يقرَعُ بابَ خَوفي
فَيبكي الأمنُ في رَوعي الرَّصينِ
///
لِلَمعِ البرقِ يومضُ في عُيوني
فيأخذُني إلى جَزَعٍ مُهينِ
///
فَأُهْرَعُ نَحْوَ أُمِّي يا لَأُمِّي
فتحضِنُني بِأَهدابِ العُيونِ
///
فأَشرِقُ مِلءَ روحي ثُمَّ أغدو
خَلِيَّ البالِ مُؤتلقَ الجَبينِ
///
لِجارِ الخَيرِ يَسألُني بِوُدٍّ:
عَلامَ أراكَ في حُزْنٍ مُبينِ؟؟!!
///
ألا يا جارُ لا تَرْكَن لِحُزْنٍ
وَ إنْ رمْتَ التَّآخي( هَاكَ عِينِي)
///
لَعَلِّي أنْ أُوَفِّي بَعضَ حَقٍّ
أما قَدْ كنْتَ في ضِيقي مُعيني
///
أعيديني إلى حَبقٍ زكِيٍّ
يُحاورُهُ أريجُ الياسَمينِ
///
أعيديني وَرُدِّي لي بَهائي
وَ سِربَ عنادلٍ في الفجْرِ كوني
///
أعيديني إلى مُخْتارِ حَيٍّ
قُصارى حلْمهِ (معقودُ تِينِ)
///
و (قَرطَلُ ) مُشمُشٍ وَ (وِعاءُ سَمنٍ)
سَيهديهِ لمَخْفَرِهِ الأمينِ
///
أَعيديني لطِفلٍ قُرمُزِيٍّ
بلَونِ الشَّمسِ يهفو للمُجونِ
///
يطاردُ سربَ نَحْلٍ لا يُبالي
بِلَسعِ النَّحلِ يا وَيْحَ الجُنونِ
///
إلى أنغامِ تنُّورٍ نبيلٍ
يَصوغ لظاهُ أقمارَ العَجينِ
///
ليُطعمَ فاهَ ضائعةٍ تُنادي
أنا يا قومُ غَرثى أطْعِموني
///
إلى نزفِ المحابرِ حين يُملي
على الأقلامِ أوجاعَ السِّنينِ
///
إلى حُلُمٍ يُسافِرُ فِيَّ دَوْماً
لِقَطْفِ النَّجمِ مِنْ أفُقٍ ضَنينِ
///
فأرجِعُ دونَ جدوى بَيْدَ أَنِّي
لِوَهْمِ الحُلْمِ في شَغَفٍ زَمينِ
///
أَعيديني قَذى الإسمنتِ جَمرٌ
يُذيقُ الرُّوحَ ألوانَ الشُّجونِ
///
كبُرنا الآنَ لكنْ قدْ نَسِينا
هواجسَ جَدَّتي خَلْفَ الظُّنونِ
///
فَذي الذُّؤبانُ تَنهَشُنا تِباعاً
و نَحثو كأسَ ذُلٍّ مُستكينِ
///
نلوكُ نلوكُ خيباتِ الأماني
و نعزو الذُّلَّ للدِّينِ الحَصينِ
///
و يقتُلُ بَعضُنا بَعضاً لجَهلٍ
فَنُرضي نَهْمَةَ الحِقْدِ المُشينِ
///
نَعَمْ ياجَدَّتي تاهَتْ رُؤانا
فَمِنْ لحْدٍ يَضُمُّكِ اندُبيني
///
وَمَوجُ العُمْرِ يَصفَعُ وَجْهَ شَتِّي
إلى المجهولِ يبْحِرُ بي سَفيني
///
فآويني لحِضنِكِ ثُمَّ قولي
لدُودِ الأرضِ: لا تأكلْ جنيني
///
فَطوبى ثمَّ طوبى ثمَّ طوبى
لِقَلبٍ طيِّبٍ راضٍ أمينِ
///
تغيَّرنا أيا مُختارُ طُرّاً
وَصارَ المالُ في كَفِّ الخَؤونِ
///
يُتاجِرُ في دِمانا دونَ خوفٍ
فيا وَيلَ الأصيلِ مِنَ الهجينِ
///
و يسلُبُ من شِفاهِ الطَّير لَحناً
فيبدو الغُصنُ موفورَ الأنينِ
///
وأمسى التَّافِهُ المأفونُ نسْراً
يُحلِّقُ للنُّجومِ على مُتوني
///
فيا أنْثى بطَعمِ النَّايِ مُرِّي
على تَصهالِ جُرحي واعزِفيني
///
ومُدِّي منْ ضُلوعِكِ نَهرَ جَمْرٍ
فإمَّا تهْتُ في النَّارِ اقْذُفيني
///
لَعلِّي أصْطلي قَبساً فأُجْلي
شُحُوباً عمَّ أروقةَ السِّنينِ
///
أنا يا صنوَ روحي نهرُ ودٍّ
وحفظُ العهْدِ معتقدي وَ دِيني
///
فلا تلْقي بلَوْمِكِ فوقَ همِّي
أنا مازلتُ منْ ماءٍ وَ طِينِ