كلمات إلى أمي
عصري فياض | كاتب فلسطيني
إلى من نَسجَ القدرُ بيني وبينها أعظم علاقة إنسانية..
إلى من قسمَ لها الرحمنُ من فيض ِ رحمته أسمى وأنبل مشاعر وجدانية…
إلى من حملتني كُرها، ووضعتني كُرها ، … وأثقلتْ يومها بالألم، ونزعتْ النومَ من عينيها بالسَقَمْ…
وشَقَقْتُ بأمر ربي إلى الحياة سبيلي، وبكيتُ وصرختُ من برد الدنيا وغُربتها، فالتقفتني راحتيها بدفيء وحنان، وشوق أمان، فروت عطشي، وأطفأت ظمأ جوعي، وواكبت تراكم أيامي، منذ ميلادي حتى اشتد عودي، ودرّ جتُ بخطايَ الطريةَ دروبَ الدنيا وقلبها يتبعني…
تتوجع قبلي من شوك ينال أطرافي، وينفطر قلبها الرؤوم من شكوى خرساء تطلقها أحزاقي…
جَبٍيني السَاخِنُ يَسْكُنُ لِلِمْسِ رَاحَتَيْها، وَأشّتَاقُ لِلْنَوْمِ ِالعَميقِ مُتِوَسِداً ذِرَاعَيْهَا…
أيها اليأسُ… تَمهلْ، ثِقلُ الهمومِ عن كاهلكَ ترجلْ…. أتتكَ من خلفِ الموجِ أمٌ بقلبٍ ملائكيٍّ…
سَتَبْتَلُ نفسك، وتنتشي روحك، وسيغدو الأمل الضاحك في عمق فؤاداك بلبلا يتجول…. .
أيها السقيمُ…. أغرف من بئر حنانها شربة ماء..، وتذوق من سحر عينها دواء وشفاء..، وأكسب رضاها صبح مساء..، تفوز وتبرأ، وبالصحة وإكليل العافية تَتَكَلّلْ…….. .
أيها القانط ُ..، دع عنك هذا، فرحمة الله عندك، فمن حولك باب من أبواب الجنة فاتحا ذراعيه، فأدخل وتجول………
ليتني جمعت كل قطرات الندى، لأرى أي البحار أعمق، وأي الأنهار النقية أصدق، وأي الشواطئ شاهد على هدوء وثورة موج فؤادك الأزرق…
ليتني لملمت دفء ذراعيك…، لأرى أي الخلائق أحن وأشفق….، لأرى اجل النعم، وأكتنز للدهر منها طاقة على انبعاث قرص الشمس تتفوق…..
ليتني اغتنمت كل العمر بصحبتك…، ولم أتأفف مرة بحضرتك، أو أرفع صوتي أمامك،.. لم أكن أدرك أنني أقف أمام سيدة الأمراء…….. كم كنت أحمق..
أمي……..
مهما كبرت فإني أمامك صغير
ومهما سموت فإني طفلك الأسير
ومهما قدمت لك، فلن أوافيك
لحظات ميلادك العسير..
أمي……..
أبحث لك بين الكلام عن خبر شيق مثير
تنعم به نفسك …
وتسكن بها روحك…
فيغشاني رداء من حرير
ويفيض علي الرضا بحرا
فأشرب منه وأغتسل
وأشعر بالأيام تأخذني إلى المستقبل طوعا
لأبهى مصير
إلهي ارحمها في الدنيا والآخرة
إلهي اجعلني جزءا من حسناتها
واهدني لأقدم لها من أيامي بعضا من ديني الكثير
لها أجمل الأماني
وليديها الطاهرتين أصدق القُبَلْ
ودعائي إن تشملها برحمتك
إنك على كل شيء قدير.