أمي يا زهر اللوز
بقلم: الأسير أسامة الأشقر – سجون الاحتلال الصهيوني
بينما تعطف السماء علينا بحنينها المغلف بقطرات الحياة الباعثة للنفس بموجاتها المفعمة بالشوق لذاك الدفء المنبعث من أعماق الروح الإلهية الحانية ليتلاقى وشهقات الابن المتشظي بردا وغربة لا حدود لامتدادها، تتواضع الشمس من عليها مقربة بين موعدين فيهما بريق خاص فللأم ربيعها المختلف المتسلل عبر اشتقاقات الأيام ليحضر حضوره بين أضلاعكَ كما لو أنه حبات الأكسجين المذابة بين عروقكَ، له أدواته الساحرة كلغز من عصور السلتيين لا قرار لفكه أو حلحلته بمساربه…. آآآه يا أم الكون والربيع فلم تكن تلك مصادفة أن تولدا معا وأن تكونا عيدين في آن واحد، لم تكن مصادفة أن تعشقكِ الأرض كما تحتاج إليكِ روحي، ولم تكن مصادفة أن تنبري أيام السنة احتراما ليومك المجيد فقد تعانقت الأحداث لتنجب يومك الأسطوري هذا، وليكون شاهدا على صغر الأيام أمام عظمتك وليكون مشاركا ذاك الفرح المتغلغل بين نبضات قلبي وغليان خلايا دمي الحمراء، وليعترف لأول مرة منذ الصلب الأول والثاني أنكِ اجتماع قوى العلي القدير إكراما لمعجزة الصبر ولجلال حكاية الدمعة مع الابتسامة ولصدق انبعاث الروح الأبدية، أنتِ يا معنى الحياة الأجمل يا وردها المتفتح مع بزوغ الشمس أوائل آذار ويا عطرها المتسرب مع قطرات الندى المتطاير مع زقزقة العصافير البرية في كل صباح، أنتِ يا كرم الأرض المتجدد بلا انحسار ففيكِ يزهر الحب وينثر عبيره للقلوب الساكنة بعد الشتاء، ومن روحكِ تنساب شلالات الإيمان المختزنة منذ البعثة الأولى، ففيها البهاء كصومعة يلتجئ إليها المتعبدون مع تراكم انكسارات الحياة وكثرة همومها.
أمي يا زهر اللوز الباحث عن ذاك الطفل المشاغب كي يتحسسه ويرافقه في مرحلة النضج والقطاف، أمي ذاك الأبيض المعشق بلون الورد والأقحوان يا ورق الزيتون الأخضر أبد الدهر لا يعرف العناء ولا يستريح أبدا حتى بعد الحصاد، يا شجرة الخير والسلام ويا جذرها المتشبث في آذار وبعد أيلول وما قبل الصيف وبعد الحر في آب، يا كل الأيام المتلعثمة والناطقة والحافظة لسر الحياة أمي يا سر الشوق وعشق القلب ونبض الحياة أمي يا زهر اللوز وصبر الأيام.