آخر ما قاله زاردشت

محمد خلاد السكتاوي | المغرب

‎يسير نحو المنفى
‎تُسَرْبله عباءةُ النبوة
‎يرْسف في الأغلال
‎يائسا يصيح في وجْهِ الزُّرقة
‎أنا زرادشت فقدتُ حِكمتي
‎سبرتُ أغوارَ كل شيء
‎وفقدتُ كل شيء
‎لن أتكلم بعد اليوم

النار صارتْ لا تعْرِفُني
يُشْجيني التطواف بين البلدان
غَبَش الرؤية يُعمِيني
أسقط في كمائن الوقت
وتصهرني حميماً الصواعق
ولا تكتمل فيَّ حقيقة الإنسان

ماذا يعني أن أقتلَ مع نيتشه الإله
وأتركه وحيدا ممددا على السرير
ينقب عن عِلَّةِ الألم
في عقله المجنون؟

دفْقُ المعاني الوثنيَّة
لن يطهرِّ الفيلسوف من دمَ الجريمة
والإلهُ المقتول لن ينبعثَ من رمِيم
وحِكْمتي المجوسية لن تفتح
قَْلبَ العالم للمرح

ليس ثمة مايستحق المُخاطرة
تحت قبة سماء متهدِّمة
أو يجعلنا نمنح كبدنا للنسور الجارحة
في أدغال التراجيديا الإغريقية
فالخرائب لا تخرج منها سوى الديدان وعفونةُ الموت و نعيقُ الغربان

سأظَلُّ صامتا كالحجر
تغفو الكلمات المقدّسة في فمي
وتنسكب مياهاً محرمة
يُلَوِّثُها مِلحُ الشيطان
في نهر العَوْدِ الأبدي
الذي تعمدتُ فيه قبْلَ أن أولد

طفتُ الأرض مع الأنبياء
على كَتِفي الأوثان والصلبان
والألواح الطينية للأبجدية الأولى
وقُلْتُ مايكفي
أعياني الكلام وتيبّسَ لساني
سأحمل الأشجار على أصبعي
كأعواد ثقاب أقدح الشرر
وأحرق القوة المارقة
لأبطال عصْرِ الإله الميت

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كل شكري لهيأة تحرير ” عالم الثقافة” العتيدة ، وصديقي رئيس الاخر الكاتب والمبدع ناصر أبو عون على مجهودهم في ربط أطراف الثقافة العربية وفتح الجسور بين أصواتها، والتعريف بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى