شاهدْ ندوة الإبداع الأدبي وكيفيّة انبعاث وهجه وتقنيّاته
حميد عقبي | فرنسا – المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح
في ندوتنا لمساء السبت 2 أبريل 2021تم مناقشة موضوع الإبداع الأدبي وكيفيّة انبعاث وهجه وتقنيّاته بحضور الكاتب والأديب السوري صبري يوسف ومشاركة الناقد والناشر الكويتي فهد الهندال والروائي اللبناني عمر سعيد.. تعددت النقاشات حول موضوع الإبداع الأدبي وكيفيّة انبعاث وهجه وتقنيّاته وهو ليس بالموضوع السهل.
وفي البداية تحدث الأديب صبري يوسف وهو رئيس تحرير مجلّة السَّلام الدولية ويشتغل بمختلف الإبداعات الأدبية وكذلك فنان تشكيلي وناشر وعرض بشكل مختصر تجربته الثرية منوها أنه يميل إلى الاستلهام من نصوص وأعمال فنية متنوعة بعيدا عن النقل والاقتباس ولكنها قراءة مغايرة أي إبداع يتولد من إنتاج المبدعين مثل قاسم حداد، جمانة حداد، نوال السعداوي، طاغور وقد تكون لمبدعين في الفن التشكيلي أو الغناء أي النص الجديد هو نقدي، تحليلي، استلهامي وليس محاكاة أو نقل، ينوه يوسف أن المبدع يمكنه أن يبدع من مبدع اخر وليس تناص ولا تأثر وانما بخلق أفكار جديدة خلاقة لكنها منبثقة من مبدع اخر، ولدى صبري يوسف ثلاثة مجلدات في هذا سماها تجليات الخيال، كم تطرق لموضوع الحوار مع الذات.. ألف سؤال وسؤال وهي أسئلة يطرحها ويجيب عليها تتعلق بجوانب إبداعية وتأملات وكذلك حوارته مع مبدعين ومبدعات، يضاف لذلك منتجه الشعري والقصصي والروائي، ويرى صبري يوسف أن الإبداع طاقة خلاقة، وقد يأتي كهاجس، ومضة، فكرة صغيرة ثم تكبر وتتطور ويجب أن تدون في حال بريقها وألا تهمل حتى لا تضيع أو يخبو وهجها.
ثم تحدث الناقد والناشر الكويتي الأستاذ فهد الهندال والذي يرى أن الإبداع جزء من متعة فردية يشارك بها المبدع مع من حوله والمجتمع، فالكتابة مثلا متعة يستمتع بها الكاتب وكذلك الشعر وجميع الفنون، وهكذا تخرج الفكرة للنور ونشرها بأي وسيلة فهو يشرك بها المتلقي، وكلما بعدت المسافات بين المبدع والمتلقي لسبب تعقيدات لغوية أو ضعف في الاسلوب وغير ذلك هنا تضعف الشراكة وكذلك المتعة.
صبري يوسف في مداخلته الثانية يرى أن المبدع قد لا يخطط في مايريده المتلقي ولكنه لا يغفل أن منتجه قابل للتلقي أو الفرجة ويداعب قضايا المجتمع ولا يغفلها فالعمل الإبداعي يصب لمصلحة المجتمع وليس ترفا وشرح عن عمله حوار مع ذات كنموذج.
من جانبه تداخل النافد فهد الهندل ليتحدث عن حواره مع المبدع والأديب الكويتي الراحل اسماعيل فهد إسماعيل والذي أثمرت رحلته الروائية على ما يزيد عن أربع وعشرين رواية، ومن ضمن الأسئلة سؤالة عن منابع الإبداع فكان رده مختصرا ومهما بأن البيئة التي عايشها في اسفاره وترحالة في بلدان كثيرة وأيضا موطنه الكويت، فكان يصف أن البيئة والأماكن توحي بالكثير وكذلك معايشة هذه الشعوب أي يتحدث عن المكان والناس والزمن وكل هذه لها تأثيراث مهمة وقوية، فالمبدع يمررشهادته عن الزمن الذي يعيشه.هنالك أيضا شهادة ذاتية للمبدع عن موقف أو حدث أو لحظة.
من جهته يرى الروائي اللبناني عمر سعيد أن لا قيمة لأي منتج إبداعي يغيب فيها الذاتي كاملا،لا قيمة للحياة ولا الناس ولا الفكر إن لم يكن المبدع حيا ويشعر بإنسانيته ويجسدها بمنتجه الأدبي أو الفني، فالفضاء الداخلي يتحكم في كل شيء والمختبر الأساسي داخل المبدع وهذا المختبر توجد عوامل عدة تسهم في نموه وتطوره وفتح مداركة والإبداع يكتمل بالمتلقي وكذلك النقدي وهنا تستمر حياة المنتج الإبداعي، واستدل بنظرية جاك دريدا أي النظرية التفكيكية أي أن النص هو تراكمات لنصوص اخرى وهي تُحدث هذا النص، فالنملة مبدعة في صناعة مساكنها وجمع وترتيب طعامها ولكن النحلة أكثر إبداعا فهي تشرب من رحيق كل الزهور والثمار لتستخلص لنا عسلا صافيا وهكذا يجب أن يكون المبدع خالقا وليس منظما ومهندسا كما تفعل النملة ولكن يتفق عمر سعيد على أهمية العمق الثقافي وتأثيراته وقد يكون هذا العمق يعتمد على تأملات ومشاهدات وليس القراءة فقط.
نصل لحوالي ثلث الندوة وأدعوكم لمشاهدتها كاملا، حيث هنالك أسئلة مهمة حول وسائل تنمية الإبداع والتحديات أمام المبدع اليوم في زمن الكورونا وعن تاثيرات النشر لإليكتروني واستغلال العوالم المفتوحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ثم ختمت الندوة بعدة توصيات دعت لضرورة وجود مناخات الحرية ودعم المبدع وكذلك ضرورة أن يشتغل المبدع على تطوير إبداعه ويبتكر وسائل تقاوم التحديات وأن يستغل هذا العالم المفتوح عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وألا يقف محبطا ووحيدا في عالم تفاعلي يتطور بسرعة ويهدم الحدود بل يلغيها.