إسرائيل تزاحم المشاريع لحسم السيادة على القدس

راسم عبيدات | فلسطين – القدس

قيام بلدوزرات وجرافات الإحتلال الإسرائيلي يوم الإثنين 16/3/2020 بإزالة الأسلاك الشائكة التي تفصل جبل المكبر- صور باهر عن قرية الشيخ سعد، والتي كان يتمكن المواطنون الفلسطينيون من العبور والتنقل منها وبينها إلى مدينة القدس واستبدالها بجدار اسمنتي، يدلل على أن الاحتلال في هذه المرحلة يسعى إلى القيام بترجمة صفقة القرن الأمريكية إلى خطوات عملية على الأرض، بحيث يرسم حدود مدينة القدس وفق مصالحه، ويعزلها عن بقية المدن والقرى الفلسطينية، وخاصة الواقعة منها جنوب مدينة القدس، وضمن أهداف هذه الخطة وفي قلبها مشروع الشارع الأمريكي، الذي يجري تنفيذ أعماله الإنشائية على مدار الساعة من صور باهر مروراً بأحياء جبل المكبر والذي يلتهم مئات الدونمات من أراضي السكان ويهدد بهدم عشرات المنازل المبنية على جانبيه.

وفي المنطقة المسماة بوادي النار، ذات التضاريس الصعبة في جبل المكبر يعمل الاحتلال على إقامة جسر هو الأعلى والأطول لخدمة الاستيطان والمستوطنات والمستوطنين، حيث سيربط هذا الجسر المستوطنات والبؤر الاستيطانية الواقعة داخل جدار الفصل العنصري مع الأخرى التي تقع خارج هذا الجدار، وربط مستوطنات “جيلو” وجفعات همتوس” و”هار حماه” أبو غنيم، مع مستوطنات شمال شرق المدينة “معالية أدوميم” و”ميشور أدوميم” و”كيدار” و”متسبيه يريحو”، وسيكون ذلك عبر نفقين واحد من منطقة دير السنة وتحت بلدة أبو ديس ونفق أخر أسفل جبل الزيتون، ويلتقي النفقان أسفل معبر الزعيم ضمن ما يسمى بشارع السيادة الذي تحدث عنه وزير جيش الاحتلال بينت، بحيث يجري العمل على إقامة بنى تحتية لشارعين منفصلين، واحد للمستوطنين وآخر للفلسطينيين، ويمتد هذا الشارع إلى بادية القدس والأغوار، والهدف تنفيذ مخططات الضم وفق ما يسمى بصفقة القرن.

ومخطط شارع الطوق سيعزل ستة آلاف مواطن من أهالي قرية صور باهر عن قريتهم ومدينتهم، ويمنعهم من الوصول إلى أربعة آلآف دونم من اراضيهم الواقعة ضمن مناطق (ألف وباء) في الضفة الغربية، مشروع ضم أكبر مساحة ممكنة من الأرض وأقل عدد من السكان.

مشروع الشارع الأمريكي، هو مشروع جديد قديم، مقرر منذ عام 1995، وهو يلتهم مئات الدونمات من أراضي جبل المكبر، هذا الشارع الجاري تنفيذه رفضت كل اعتراضات السكان لتقليل عرضه من 32 متراً مربعاً الى 24 متراً مربعاً أو 18 متراً مربعاً، والغريب هنا بدلاً أن تعوض بلدية الاحتلال السكان عن أراضيهم التي سيلتهمها الجدار بإعطائهم الرخص للبناء السكني، وجدنا بأنها أعطت تراخيص لأبنية تجارية بنسبة 80 % مقابل 20 % للسكن، تلك الأبنية التجارية التي ستقام في مناطق وعرة جدا، وعملية تأهيلها تحتاج إلى مبالغ مالية باهظة وإمكانيات ضخمة، والمخطط الذي يستهدف إقامة أبنية تجارية وفنادق ومناطق صناعية ومرافق عامة وسكة حديد سيقام على أرض فلسطينية خاصة، ويهدد بالهدم لعشرات المنازل في أحياء جبل المكبر.

من الواضح أنه في ظل انشغال العالم في محاربة فيروس “كورونا” الوبائي، فإن إسرائيل ماضية في مشاريعها ومخططاتها الاستيطانية، لكي تغير المشهد الكلي في المدينة، فنحن نشهد هجمة استيطانية مسعورة لإقامة وحدات استيطانية بالآلاف في مدينة القدس من جبل أبو غنيم إلى خربة الرابية” جفعات همتوس” في بيت صفافا إلى “جفعات يائيل” في بلدة الولجة، ومنطقة عطاروت وقلنديا والمطار غلى إقامة أكثر من 3500 وحدة استيطانية في المنطقة المسماة (E1)، من أجل عزل الضفة الغربية شمالها عن جنوبها ووسطها عن شمالها وجنوبها، والإغلاق الكلي لبوابة القدس الشرقية، وبما يربط المستوطنات الواقعة شمال شرق مدينة القدس، مجمع”معالية أدوميم” الاستيطاني بمدينة القدس، وتصبح جزءاً من ما يسمى بالقدس الكبرى…. والأمور ليست وقفاً على هذا الجانب أو المجال، فنحن نرى بأن حكومة الاحتلال تصعد من عمليات ” ذبح ” الحجر الفلسطيني من خلال توسيع عمليات الهدم، كما جرى في منطقة واد الحمص/ صورباهر، فقد طالت عمليات الهدم في تموز من العام الماضي أكثر من 72 شقة سكنية، تحت ذريعة الأمن والقرب من جدار الفصل العنصري، رغم أن تلك الشقق السكنية والبنايات حاصلة على تراخيص من السلطة الفلسطينية.

والآن تجري محاولات جادة من قبل ما تسمى بسلطة حماية الطبيعة والحدائق العامة، من أجل السيطرة على منطقة واد الربابة في سلوان، بذريعة تحويل المنطقة إلى حدائق عامة، والهدف استيطاني بحت؛ وهو تزوير الواقع والتاريخ، وفي سلوان أيضاً تجري عملية تطهير عرقي غير مسبوقة بحق 82 عائلة مقدسية في منطقة بطن الهوى، جرى طرد وترحيل 10 عائلات منها حتى اللحظة، بذريعة أن الأبنية الفلسطينية مقامة على أرض يملكها يهود منذ عام 1881م. وما يجري في سلوان يجري في منطقة الشيخ جراح وكبانية أم هارون، حيث تمّ طرد وترحيل عشرات العائلات المقدسية، تحت الذريعة والحجة نفسها.

وهنك خطر جدي وحقيقي آخر، يتمثل فيما يجري تداوله في الأروقة السياسية والدينية الإسرائيلية، مؤخراً، بما يسمى بالمخطط المعتدل لتقسيم المسجد الأقصى المبارك دون هدم مبانٍ، ويمكن اعتماده “كحلٍّ وسط” لبناء الهيكل دون هدم قبة الصخرة المشرفة، التي تُعدّ بؤرة ذلك الهيكل المزعوم ومركزه.

وهذا المخطط يهدف إلى بناء الهيكل المزعوم في شمال صحن الصخرة المشرفة مع الإبقاء عليها للمسلمين دون هدمها، ويقتطع الساحة الشمالية بالكامل لإقامة البناء بشكل مستطيل (شرق غرب)، حسب البوابة السفلية الموازية لباب الرحمة، بحيث يتم اقتطاع أكثر من ثلث مساحة المسجد الأقصى المبارك في المرحلة الأُولى من الاحتلال والسيطرة عليها، ليبقى المسجد القبلي وقبة الصخرة المشرفة دون أي تغيُّر.

وقد راج وانتشر خلال الأشهر القليلة الماضية مثل هذا المخطط بالتوازي مع صفقة القرن التي يتبناها اليمين المسيحي المتصهين، وكذلك تدعم هذا التوجه شريحة كبيرة من الإنجيليين المتصهينين وتدعو علناً إلى الشروع بتنفيذه بصورة متدرجة وغير صاخبة بالتنسيق مع من يسمونهم المعتدلين من العرب الذين يتفقون على التطبيع والشراكة والتسامح الديني، على حد زعمهم.

ووفق ذلك المخطط الإسرائيلي الأمريكي اليميني: “تبدأ عملية تنفيذ هذا المخطط العدواني على المسجد الأقصى بتهيئة باب الرحمة من الخارج لافتتاحه، ثم وضع “مذبح الهيكل” في قبة الأرواح، ثم إحاطة القبة لاحقاً بخيمة، ثم عزلها بسور خفيف عن غير اليهود، ثم توسعة السور ليضم شمالي صحن الصخرة حتى باب الرحمة، ومن ثم فتح باب الرحمة، ثم الشروع بالبناء الفعلي”.

“اسرائيل ” ماضية في مشاريعها ومخططاتها، في ظل انشغال العالم بفيروس” كورونا” الوبائي ، فهي تعمل على فتح الطرق الى مستوطنة ” معاليه ادوميم” وتقوم بتعبيدها، وكذلك تعبيد الطرق المؤدي لبرية القدس وفتح شارع الزعيم، وبناء جدار الفصل العنصري حول قرية الشيخ سعد، كل ذلك يجري لتنفيذ عمليات الضم والتهويد في القدس والأغوار وشمال البحر الميت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى