إني على العهدْ

هادي زاهر | حيفا – فلسطين

بيني وبينكَ شيءٌ لا يُفسّرْ
أنا المشتاقُ أم أنتَ المشتاقْ
وما بيننا هذا البعدُ قد تجذّرْ
وامتدت به أغصانٌ وأوراقْ
لا ظلَّ لهذا البعد ولا ظلال
كأنّهُ جمارٌ وقْدُها أشواقْ
كأنّي الآن أسمعك تهتفُ بابتهالْ
وتقول: أنا مهملٌ فوق الرفوفْ
وبين دفتيَّ تكمن المعرفة
وفيّ الكلمات والحروفْ
وأنا بوصلة الفكرِ والفلسفة
يا صديقي الغائب عنّي
أنا دليلك لهذا العالم المزدحمْ
وحين كنت تصغي وتسمع منّي
كنت أجعلكَ بهذا العالم مُلْتَحِمْ
لا أكلفكَ سوى كرسي أو مقعدْ
وساعة من هذ الوقت لتأمل الكونْ
ورغم ما يعتريك من حزن كنت تسعدْ
وأنتَ تتابع الفكر من كل جنس ولونْ
دون أن تتعب ودون أن تجهدْ
وحين تطلب مني العونْ
كنت أضعك في قلب المشهدْ.
°°°°°
أشهدُ يا صاحبي آه كم أشهدْ!
كم أنت جميلٌ وحنونٌ يا رفيقي
بأوراقكَ الرقيقة الناعمة
هذا الحبر الأسود
ينيرُ طريقي
وارى ما لا يُرى بالعيون الحالمة

°°°°°
أرى بروح الفكر والمنطق العريقِ
في كلّ مكان على الكوكبْ
واضحٌ كضوء الشمسِ وحقيقي
مهما كان بعيداً أراه أقربْ
كأنّهُ هواءُ الحياةِ في شهيقي
من حروفك تقتات روحي
ومن ضوء كلماتكَ يزدادُ وضوحي
أنت تنير لي معالم كل الدروبِ
وبالفكرُ منك أُشيّد بالعلمِ صروحي
وبه أقارع كلّ الخطوبِ
وأصعدُ للعلى يقودني طموحي
حروفك المضيئة درجات سلالمْ
وكلماتك توقظ كل نائمْ
وتصنع من الجهالة كل عالمْ.
°°°°°
عذراً وألف عذر يا صديقي
على الرغم أنّي أدري.. لا عُذر لي
في هذا البعد وهذه الجفوة
كنت فيما مضى
أجدُ في قربكِ كلَّ الرضى
وكان البعد في ذلك الوقتْ
محض هفوة
وأمّا الآن في زمن شبكةِ العنكبوتْ
أصبح بعدي معصيةً تشبهُ الغفوة
غفوة لمن يناضل كي لا يموتْ
غبارٌ كثيفٌ على الرفوفْ
ولا أحدٌ يصغي لنداء الحروفْ
وكأن خيوط الشبكة
تطلّ من الشاشة
تصطادُ نبضات القلب كما السمكة
ويتلاشى ‍الوجيبُ ارتعاشه.. ارتعاشه
°°°°
ولا إحساس في نعومة الورقْ
تقبلْ عذري يا رفيقي
فأني على العهدْ
وسوف أعود إليكَ كما سبقْ
ولن أتخلّفَ عن هذا الوعدْ
ما دامت تنبضُ عروقي
ستظل رفيقي وتظلّ صديقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى