ذاكرة عاشقة
هند خضر | سوريا
سيدي و سيد كتاباتي و السر المدفون في ضلوعي و بين سطور حكاياتي … لا تراهن على ذاكرتي، فأنا لم أفقد الذاكرة بعد .
قبل أن ألتقيك كنت امرأة ذات ذاكرة انتقائية أتذكر وأنسى متى أشاء، أما بعد أن جمعني القدر بك اختلف الأمر كثيراً، عجيبةٌ هي ذاكرتي كيف أصبحت من ذهب لا تصدأ، تنسى كل التفاصيل إلا التي تتعلق بك،تُخرِج من أوراقها كل الذين عبروا من خلالها إلا أنت.
تفكيري القاتل لا يهدأ،وما مضى يلتف حول عنقي كسلاسل أُقفِلت بإحكام، تسيل لؤلؤة من عيني كلما لمحت بقايا كلام خطته أناملك في يوم من الأيام لي، نثرت عطر مشاعرك على ورقة، قلتَ فيها أحبكِ، أشتاقكِ، أحتاجكِ كحاجة الورد للماء وأشياء كثيرة جعلتني أعيش حالة ممزوجة من الأمل و الألم.
لنبدأ بالأمل: تلك الورقة عاشت معي عصوراً، كانت رفيقة أوقاتي التي أقضيها بدونك، أقرأ حروفها المعجونة بالإحساس بعناية، أعتني بها وأدللها ، أغني لها، أخبرها أسراري وأشعر برائحة النرجس تفوح منها على كفي فأقبّلها في الثانية آلاف المرات فأشعر بقربك مني و أعيش على الأمل بأنك باقٍ معي للانهاية.
وأما عن الألم الذي أغفو عليه اليوم،و أصحو لأجده بجانب سريري، لايدعني و شأني كي أحتسي قهوتي الصباحية بل يشربها معي ، أمسك تلك الورقة فتجرحني كلماتها تماماً كطرف الورقة الحاد، ولكنها لا تجرحني في يدي إنما في قلبي، كما تعرف جروح القلب لا تُشفى و لا تلتئم ، ولا الزمن كفيل بمداواتها، أمضغ حزني بكبرياء و أمضي في طريقي وحيدة، وحيدة كسيجارة أخيرة في علبة تبغك و كبقايا عطر تقبع في زجاجتك.
أكمل رحلة الحياة وأنا سجينة ذاكرة تختبئ بين كلماتك، تحاول أن تغفو على زند قصائدك ولكن لا جدوى تبقى مستيقظة ، لقد أصابتني لعنة التفاصيل،تصاعدت إلى دماغي و استقرت في تلافيفه، توجعني ضرباتها على مركز الحواس ولكنها لا تتسبب بفقدانها، وحدها التفاصيل تفتح باباً أغلقه الزمن وتكاد أن تقتلني.
ذاكرتي لا تخونيني فأنا أحبه حد الجنون وأشتاقه حد الهذيان، أنا و النسيان لن نلتقي ..لن نفترق .