آخر صورة لحي الشيخ جراح – القدس الشريف
أ.د. معتز علي القطب | فلسطين
يا “شيخُ جراحُ” لا شخصٌ يُراعينا
نأتي نواسيكَ أم تأتي تُواسينا؟
|||
قد كنتَ تَشفي جِراحَ الفاتِحينَ هُنا
من بعدِ شَيخِكَ لا طبٌّ يُداوينا
|||
تقاذفَتنا سويًّا كفُّ مغتصبٍ ٕ
شخصٌ غريبٌ وناسٌ لا تُحيِّينا
|||
وباتَ شَيخُكَ مأسوراً ومضطهَداً
قد مُدَّ في حيِّهِ المقهورِ سِكينا
|||
وجالَ يَقطَعُ أجزاءً وأمكنةً
أخْلى بيوتاً وراعَ الأهلَ والدِّينا
|||
وليسَ يوجدُ جراحٌ يُطبِّبُها
يعيدُ عضوًا وبترًا في نَواحينا
|||
يا شيخُ ذِكركُ في الأرجاءِ يُؤنِسُنا
ما زالَ إسمكَ وضاءً يُمنِّينا
|||
أنتَ البقيةُ من إسمٍ يُذكِّرُنا
أيَّامَ عزٍّ من السُلطانِ يَأتينا
|||
طَبَّبتَ من جاءَ أرضَ القُدسِ يُنقذُها
من الفرنجةِ في عهدٍ يُزكِّينا
|||
هل ترجعن لنا يا شيخ تُنقذُنا
قد بات عندك “شمعونٌ” ليطوينا
|||
يا شيخُ قد خابَ من يبغي يُفرقُنا
فالحيُّ يسكُنُ حيًّا في مَآقينا
|||
هذا عدوكَ قد خابت عزيمتهُ
فأنتَ في القُدسِ من أعلامِ ماضينا
|||
قد سالَ حولكَ ماءٌ آسنٌ عفنٌ
وكانَ طُهركَ في الأرجاءِ يُزكينا
|||
قد ضُخَّ صوبك حتى كاد يُزكِمُنا
خبثُ الروائحِ والأوساخِ تُؤذينا
|||
من يَنضحُ الماءَ من حيٍّ نُقدسهُ
يرمي الخبائثَ والأقذارَ والطينا
|||
يُطِّهرُ الحيَّ من إثمٍ ألمَّ بهِ
ويُرجعُ الأهلَ والأحبابَ وادينا
|||
علَّ السماءَ بيومٍ سوف تَغسلهُ
لو أمطرت مطرًا من عند بارينا
|||
حتمًا سيرجعُ ماءٌ كانَ يغمُرُها
فيما مضى مطرٌ قد جاء حطِّينا
|||
ويغسلُ الدارَ والأحياءَ قاطبةً
غُسلَ الطهارةِ من أجلِ المُصلِّينا
|||
قَدِمْتُ حيَّكَ أَبكي ما ألمَّ بِنا
أشكو وتشكو وندعو الله يُنجينا
|||
صَلّيتُ والقدسُ قد أمّت تَهجُّدنا
وأنتَ تدعو عسى ربي يُنجّينا
|||
وقفتُ خلفكَ ظنّي من سيسمعُنا
فَلمْ أَجد أَحَدًا قد قالَ آمينا
|||
نظرتُ صوبَكَ والبلدانُ صامتةٌ
وقلتُ آمينَ ربُّ العرشِ يَحمينا
|||
قد باتت القدسُ ثكلى مثل أرملةٍ
تقلبَ الدهرُ عصرًا جاءَ يؤذينا
|||
رأت حكايا وأبطالا وأزمنةً
منها جميلٌ ومنها ما يُعزّينا
|||
تحكي لنا قصصُ التاريخ موعظةً
مضت وما زالَ ذكراها يُسلّينا
|||
يا حيُّ صبراً على ضرٍّ وأوبئةٍ
يحميكَ ربي إذا ما شاء يَشفينا
|||
الزرعُ ما زالَ في أبناءِ من غُدِروا
غدا سَيُزهِرُ أزهاراً ونِسْرينا
|||
يا سامعين أنينَ القُدس من زمنٍ
ومهملين لأحياءٍ تُنادينا
|||
لو كان للقدسِ شيءٌ من محبّتكم
وصادقين إذاً تأتوا مُلبِّينا
|||
أما خشيتم غداً في أرضِ محشركم
تأتون للقدس أفواجاً مُهانينا؟
|||
وَهَلْ ظنَنْتُمْ بأنَّ القُدسَ تَحضُنكم
لو جاءَ وعدٌ؟ وحتماً سوفَ يأتينا
|||
هل تعلمون بأنَ الأرضَ مملكةٌ
والقدسُ عاصمةٌ.. واللهُ حَامينا؟