العشق الممنوع

هند خضر | سوريا

إنه عشق من نوع آخر، لا يمتّ إلى العشق الذي نعرفه بصلة، يأتيك على غفلة بدون موعد مسبق وفي غير أوانه .. تشعر معه أن حواسك تبتهج، ضلوعك تمتلئ بكل ذرة منه لدرجة السيطرة المطلقة، يخضوضر القلب و يزهر مدخل شريانك ورداً و ياسميناً عداكَ عن تماهي الأرواح وما أنبله من شعور!
يأتيك فتبتسم روحك وتتفتح فيها شقائق النعمان، يبدو الفرح مرتسماً على وجهك وملامحك كفرحة طفل بقدوم العيد، يضيء محياك كشجرة الميلاد المبتكرة، تحاول أن تخفي لمعة فاضحة في عينيك ولكن دون جدوى فتلك اللمعة لا شيء قادر على إخفائها وماذا أخبرك عن لون الورد في وجنتيك و طعم الكرز في شفتيك! !
تفاصيله تمتزج بتفاصيلك حد الوله ،حد الذوبان تماماً كذوبان قطعة السكر في كأس شاي فتمنحه حلاوتها.. تشعر أن أجنحتك تنمو بسقياه و تحلق في سمائه كطائر يشدو طرباً … وأكثر من ذلك، يصبح لتحية المساء والصباح طعماً مختلفاً وحتى فنجان قهوتك المرّ يمتلك مذاقاً حلواً لا يضاهيه مذاق.
وماذا عن لياليك التي تتلون بقدومه وتنتظرها بفارغ الصبر لتتجمل بأحاديث الشوق و الغزل، يأخذك من يدك إلى آخر بقاع الأرض عبر حلم جميل لا تتمنى أن تستيقظ منه، يصبح الوطن و القارات و المحيطات بالنسبة لك و يمسي للجمال عنواناً .. العشق الممنوع بقدر ما يمنحك دلالاً و سعادةً بقدر ما يمنعك من عيش نشوته و لذته للنهاية ..
لماذا؟
لأنك ما إن تعود لنفسك و تتذكر من هو و لماذا أنت و توقيت قدومه الخاطئ تتبخر أمانيك وهي تتصاعد من درج روحك إلى دماغك، وتبدأ رحلة من الألم تستعصي على العلاج تشعر معها بحرارة في القلب و التهابات عاطفية في الصدر توصلك حد الاختناق .. أنت تحبه بكل قواك الجسدية و العقلية والروحية، ترفض أن تعانق نسيانه وانتزاعه من أوردتك لكنه ليس لك .. صراع ما بين القلب و العقل ..
القلب يقول: أتنفسه و العقل يقول: كفاك ، انهض من سباتك فهو ليس لك .. في لحظة ما تتمنى لو أنه كان سراباً و تتساءل: ما الذي فعلته ليرسمه لي القدر على حدود أيامي و يأخذه من بين يديّ بلمح البصر ؟ ما الذنب الذي اقترفته كي أقبع في دائرة من النار و أكمل حياتي في متاهة لامتناهية ؟
وهكذا تمضي في درب العشق الممنوع المليء بحجارة النصيب التي تصيبك في الصميم عندما تصحو من غفوتك وتدرك أنه ليس لك و تحاول أن ترسم نهاية هذا الطريق ولكنك تنتهي و لا ينتهي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى