كم أنا رجل محظوظ بك

فراس حج محمد | فلسطين

أسعدت أوقاتاً أيتها الجميلة، لا شك في أنني رجل محظوظ في أن يكون لي حبيبة مثلك، أكتب فتقرأ، وتكتب لي ردودها. أسعدني جدا حديثنا هذا اليوم، كان حديثا شهيا، ألم تنبهي أنني خاطبتك بحبيبتي مرات كثيرة، لم أكن أحب أن ينتهي الحديث بيننا، لقد منحتني القوة، وشعرت أنني حكيم عصري، تنزلت عليّ الحكمة في آخر مكالمتنا، إنني معك أربي الأمل وأرعاه وأرقبه، فالحياة تستحق أن تعاش، وأن نسير معها إلى أقصى مدى ممكن، كم كنت أتوق لو كنت بقربي، لقبلتك تسعا وتسعين قبلة، وواحدة أخرى على مهل وتؤدة حتى ترتوي خلاياي وخلاياك من كل متعة ممكنة.

لقد شغلني عنك أمس مشاغل كثيرة، اليوم كان مزدحما، نشاط المنتدى في مقر الوزارة في مدينة رام الله، ورؤية الأصدقاء، والذهاب إلى مكتبة الرعاة لرؤية العم (أبو إبراهيم) نقولا عقل وهو ناشر كتابي المرتقب “استعادة غسان كنفاني”. ما زال الناشر ينتظر تجهيزات الفهرسة في المكتبة الوطنية، وعدني العم نقولا أن يكتب تظهيرا على الكتاب. وها أنا أنتظر.

على الرغم من أن يومنا أمس كان جميلا، لأننا شعرنا جميعا نحن أعضاء المنتدى أننا نقدم خدمة إنسانية ووطنية وثقافية للكتاب الأسرى. كنت بالفعل منتشياً لنجاح الفعالية، ولكن وزارة الثقافة كعادتها تعض اليد التي تمد إليها، تصوري أنهم لم يذكرونا بالخبر الذي أعدوه عن النشاط لا من قريب ولا من بعيد، وكل العمل قامت به رئيسة المنتدى من الإعداد وحتى التنفيذ الأخير وفرز النتائج، تأتي الوزارة وتقطف العمل هكذا ببساطة وتركلنا من الملعب، كأنها أحد البلطجية الذي كانوا يزعجوننا ونحن أطفال، فيستولون على ألعابنا وملعبنا بعد أن نكون قد خططناه ومهدناه للعب، هم يأتون في المرحلة الأخيرة، وكذلك فعلت معنا الوزارة الشيء نفسه، أتت في المرحلة الأخيرة، فترة الإعلام والتصوير، ونسبت العمل لها وكأننا لا شيء. لكننا نرفض ونحن عنيدون جدا أن نكون حطبا لأي وزارة كانت، وسيرون منا ما لا يسرهم ويسعدنا ويسعدك ويسعد كل أصدقائنا بكل تأكيد، ويضع النقاط على الحروف، وينهي هذه المهزلة والبلطجة الثقافية.

على كل حال، لم تكن هذه هي المرة الأولى، وأظن أنها لن تكون الأخيرة، فالحكومة والوزارات عندنا أصبحت طفيليات تعتاش على تعب الناس وعرقهم، في السياسة وفي الثقافة وفي كل أمر. فمخطئ جدا من ظنّ أن للثعلب دينا، أو أن للحكومة والوزارات والوزراء صاحباً.

لا عليك، كان يوماً جميلا، حتى وأنا أحاول أن أتناسى هذا الهم عند احتضاره إلا أنني سعيد جدا، بما أنجزه، أخبرك أن لي في المطبعة كتاباً جديدا سيصدر عن دار الفاروق في نابلس أسميته “لا شيء يعدل أن تكون حرا”. جمعت فيه كل الشهادات التي كتبتها حول كتاب “نسوة في المدينة”، والقراءات النقدية التي قدمها الكتاب والكاتبات فيه، وبطبيعة الحال سيكون مقالك في هذا الكتاب، بالإضافة إلى فصل يضم مجموعة من النصوص ذات اتصال بكتاب نسوة في المدينة، بعضها سقط سهوا والآخر عمدا. أظن أن الكتاب جيد في فكرته فقد جعلته تحت عنوان عام “في تأمل تجربة الكتابة”. وهذا الكتاب أول تلك الكتب.

سيكون في نهاية هذا الشهر توقيع للكتاب ومناقشته في الخليل، لقد أحببت أن أكرّم الكتّاب الذي كتبوا لي وأكرّم كتابي بهذه الطريقة من الاحتفاء، بحيث جعلت له كتابا رديفاً يضيئه، بما يشبه الهامش الذي يعرّف بالمتن. وسيكون حاضرا معي جنبا إلى جنب في حفل الإطلاق والتوقيع.

هذا مشروع كبير موازٍ لمشروع الكتابة ذاتها، أرجو أن أستطيع إتمامه على ما أتصوره. يشمل هذا المشروع عدة كتب، وها هو هذا الكتاب أولها. فلا بد من الكاتب أن يتأمل كتاباته وأن ينظر إلى نفسه بعين القراء والنقاد والكتاب الآخرين.

لا ينتهى حديث الكتابة أيتها الحبيبة، آمل أن تكوني قد قطعت شوطاً في عملك الجديد، وآمل أن أراه وأطلع عليه، فقد شوقتني له كثيراً، ومنتظرا بشوق لقراءته، فلا يكفي الحديث عنه بعمومية الأفكار. أرجو ألا تطيلي عليّ به.

كوني على ثقة أننا سنلتقي ولن ينقطع هذا الأمل ما دمنا أحياء، إنني أنظر بعين قلبي فأرانا وقد شفي الغليل من الغليل، وتمتع الحبيب بالحبيب فكان الوصال، وابتسمت لك الحياة وابتسمت لي، وتألق وجهك نورا مشعا ونحن نسكر من لذة الحبّ.

حتى نلتقي لك مني كل الحب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى