بغداد والأعياد

أجود مجبل-شاعر عراقي

للوارثين سيبقى حزنُنا مطراً
عَبرَ الفصولِ ، فهل للحزنِ أحفادُ ؟

وفي غدٍ مِن بقايانا التي تُركتْ
في الأرضِ سوف يَلُمٌّ القمحَ حَصّادُ

وبعدما الريحُ تَذرونا يظلُّ لنا
في كل عُشٍّ وُرَيقاتٌ وأعوادُ

فهلْ ستذكرُنا تلك الطيورُ إذا
مرّتْ عليها بذاكَ النخلِ أعيادُ ؟

وهل ستعلمُ أنّا دمعُ أجنحةٍ
بلا هواءٍ وخلْفَ الحُلمِ صيّادُ ؟

كنّا نطيرُ إلى وهْمٍ نصدّقُه
ولمْ تلُحْ مِن وراءِ الغيمِ بغدادُ

فأين بغدادُ يا وحلَ الملوكِ ؟ وهلْ
تأريخُ دهشتِها يمحوهُ جلاّدُ ؟

وأين بغدادُ يا كُلَّ الطغاةِ ؟ قِفوا
لا تهرُبوا فلَنا في الأرضِ مِيعادُ

مهما رَطَنتُم وباهيتُم بعُِجمتِكُمْ
مِن أبجديّتِهِ لن يهرُبَ الضادُ

أين القطاراتُ والعُشّاقُ تملؤها
لهم منَ القُبُلاتِ الماءُ والزادُ ؟

أبو نُواسٍ إلى مَنفاهُ غادرَ إذْ
لمْ يبقَ للشاطىءِ المهجورِ مُرتادُ

حتى قناديلُه يعوي الهزيعُ بها
لمْ يقترحها على الظلماءِ إيقادُ

وأين بِشْرُ يجوبُ الليلَ حافيةً
أقمارُه وبه للفجرِ ميلادُ ؟

وأين بُهلولُ ممسوساً بحكمتِه ؟
الجائعون له صَحبٌ وأولادُ

وأين صوتُ عليٍّ ؟ أين وقْعُ خُطى
عبدِ الكريمِ ؟ وأنّى غابَ زُهّادُ ؟

إنّ اللصوصَ على أبوابِنا ، لبِسوا
قمصانَنا ، سرقوا الأحلامَ أو كادوا

لفَرْطِ ما المستقيماتُ انحَنيْنَ هنا
صِرنا على قلقِ الأقواسِ نعتادُ

لمْ يبقَ منكَ سوى الأحجارِ يا وطناً
بنُوهُ في زَبَدِ الراياتِ أضدادُ

يجوبُه فقراءُ اللهِ كالحةً
أيامُهمْ ، ويُصلّي فيه أوغادُ

………………………

يا كاظمَ الغيظِ ، لا تكظِمْ حرائقَه
أما تَرى كيف غيظُ النخلِ يزدادُ ؟

وذي الملايينُ تسترخي مُنوَّمَةً
لأيِّ لاعبِ نَردٍ جاءَ تنقادُ

قُمْ سيّدي وتَذَوَّقْ طعمَ عاصفةٍ
وإنْ أعاقتْكَ جدرانٌ وأصفادُ

دعِ الجنازةَ فوقَ الجِسرِ صائتةً
وعُدْ لنا فالضحايا كلّهم عادوا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى