تيه جلجاميشي
عزيز فهمي | كندا
صرت مرة أخرى
صديقي
يا صديقي
فجئتني بالطريق في رسالة
قَلَّمْتَ المسافة الفاصلة
بين حزني
وفرحي
غرست الذكريات
في تربة الصباح
سقيت بذور الأغنيات
في أهداب النوافد
إني يا صديقي
لا أطل على المارة كعادتي
لا أنتظر مجيء قط جاري
كلما وضعت الأكل
على الطاولة
لا تستهوينى نغمة البن
في الهواء
كل الفناجين التي في المطبخ
تخاف الشفاه
لا أنشر على السطح
كوابيس الليل
ليجف عرق الهلع
لا أمان في الأمان
يا صديقي
تعال
نعيد كتابة ملحمة جلجامش
تكون أنت العارف
بكل الأسرار
أسرار هذا السؤال العالق
في حمى الأجساد
في كلام الرئتين
فكل ما كان لم يكن
أكون أنا مريدك المشاكس
أعيد كل ما ستبوح به لصمت الغابة
طريقتك في محاربة الوحش
نشيدك الذي يزعج العصافير
لكنه يدغدغ إبط الغيب
ربما نصل معا إلى النبتة السحرية
عشبة الولادة
وزهرة الحياة
نفك نجمة الصباح
من قيود الليل الجاثمة
فأكون عاشق ريح
وتكون عاشق تيه
في ملحمة الأسئلة الأبدية
من أنت
ومن أنا؟
اللغة لم تعد تملك الإجابة
ولا الحقيقة تنتمي للحقيقة
ما أتعب المسير في العتمة
بدون شموع
ولا بوصلة
يا صديقي تعال
أستند عليك
تستند عليّ
كي لا نصبح في آخر العمر
مهزلة
تضحك علينا الوطاويط
والقردة .