لا شيء يشبه أن أراك
بقلم: نداء يونس
الحنين؛
مثل المفانيح التي تدور
في أقفال خربة.
مثل العجائز في بيوت المسنين
أمضع هذا الوقت.
ثقيل
أن لا تحمل شيئا.
اللغة مثل المصابيح
لديها حدود معترف بها مع العتمة.
لا شيء يشبه أن أراك
تقطف العتمة التي لا أراها
كي تصنع وقتا لهذا الحب.
ماذا تفعل وردة في يدك الآن.
تنزلق اللغة مثل الثلج الـ يذوب في كأس
لم يعد من رحلة في الخمر والنشوة.
لذة؛
أن أكتب إلى غيابك
كل هذا الحضور.
مثل آلام الأضراس
الوجع في القلب.
قلت سأترك الشعر
هناك الكثير من الذين يعملون في مناجمه
سقالات وعربات للجر وسككا للنقل
وقلت: إن الشمعة التي معي انطفات
وهذا يعني أن الأوكسجين في هذا الجزء من أنفاق الحفر قد انتهى
وقلت: إن الخروج بشمعة صامتة
أفضل من الموت اختناقا
لكنني ما زلت
أنقب جدران اللغة.
قلت أيضا: إن الأسماك لم تعد تسير عكس المجرى
وقلت: إن النبع يرتخي مثل الأعضاء بعد حفلة جنس جماعية
وقلت إن النهر لم يعد يقف شاقوليا
لكن السورات ما زالت تتحرك
في دمي.
وقلت: المراكب لم تعد تهتم بالوصول إلى الشاطئ
ولم تعد تتنفس تحت الضباب
وحتى القار الذي تسلخ من أطرافها
لم يعد يستلزم ورشة في اللغة
لإصلاح الماء
لكن الموجة تفعل.
“أقول اسمك
فتحزن في داخلي اللغة”..
أواجه العالم
لأنني لا أستطيع أن أواجه الحب
الذي أتركه كي أتمكن من العيش
في هذا العالم.
النساء يسقطن دائما في امتحان ما
ربما يكون الحب.
في التلال البعيدة تنادي
الطيور الميتة
والأشباح
التلال الأبعد من “طولكرم”
أبعد من رجفة النجم في الأفق،
حيث تولد الحرائق والبكاءات
حيث تصبح جنوبا .. جنوبا
كل الاتجاهات
ويسير الحنين مثل الرهبان
بجلال قديم
والصمت يمشي كالملوك
بلا رداء.
أنا ظل الجمر الذي أقبض عليه
هكذا أيضا يمسكني الحب.
أراك في رعشة
لهذا خلقت الشقوق.
تتملكني رغبة معلنة للبكاء
للضحك الهستيري
للقفز بكعب عال في الشوك الذي نما
في باحة خلفية
دون أن يستأذن احدا
ثم مسح الدمع بالجمرات.
الرأس كأس.
تتقشر الأشياء
لكنها
مثل لعبة الماتريوشكا
تنتج ذات الحزن الملون ..
لم أغادر المكان
لكنني هناك
أبعد من التلال التي تصيح فيها الأشجار مثل معلمات المدرسة الابتدائية
التلال التي يتكاثر فيها الحنين مثل أطفال الفقراء
الذين لم يعرف أهلهم حبوب تنظيم الحمل أو الكوندوم
الذين لم يتعرف إلى ملامحهم المتشابهة حتى آباؤهم
ولم يهتم أحد بتعليمهم الإتيكيت
أو حتى الطريقة الصحيحة لنطق الكلمات
الذين يصابون بالتأتأة بلا مقدمات
وبالأمراض المعدية
الحنين الذي للتخلص منه
ينبغي على الزمن أن يجلس مثل نساء القرى البعيدة
ويسحبه مثل القمل من رؤوس الأطفال
ثم بلا اعتذار
يغرقه بالكيروسين.
مثلك؛
أقف الآن على مذبح
ولا أرى الإله،
مثلك الآن
أصلي
بلا اتجاه
مثلك الآن
أفتعل ثقبا في ساعة الرمل
كي نخدع الوقت
مثلك أيضا
أحمل جسدي وأدور
لكن كالدوامات
ومثلك تماما
لا أعرف أين صار الجنوب؟