صهيل في مآقي الليل

عبد السلام سنان | ليبيا

قصيدة مذبوحة على حوائطِ المنافي، ريح الخريف تجثّت ورقة عنبٍ أسرفت في الاخضرار، عودها الشرس يندبُ سيرة الشتاء الضارية، امرأة موعودة بشمسٍ وزعتر، تخنقها عربدة ليلٍ ضئيل، تباغتها فكرة محمومة بالنزق، تفتّتُ أوصالها الطريّة، الأزقة تركلُ سواد الوحشة اللعينة، أدعيات المطر، أساطير الاغريق حين رصوا حجارتهم على زرقة المتوسط، فوق خمس الغاب بنوا مجدا فوق عراء الأمكنة، التاريخ عتمة حائرة، تشابكت نوافذ الغيم، لم تكثرت لأصابع الضوء وقناديل الزيت، بتمرد صارخ الفناء، حقول خريفية تنسج خيوط الفقد، تهشُّ أرتال الرعود وجحافل البروق، كعرّافة غجرية تقرأ طلاسم المواقد، تفكُّ أحجيات الرمل كأغنيات الصقيع الضائعة، تيبّستْ بلهات بدوي عافه اليأس، الظلال آثار الرحيل، تستر الشروخ الدامية، حوافر الشوق صهيل الغياب، بكاء الأمكنة، صدى مهلٍ محفور بالحيطان الباردة، تتكوّر في رحِمِ الوحدة، ترسم زفيراً يئنُ بجور المداءات الهادرة، جدار الكون المحموم يفضح شهقة الرمان، يتقمّص شرود الخيال العجائبي، يغالب سطوة الريح، ليلٌ يتمرغ في أشواق الأماسي الوارفة الاخضرار، أجراس السنابل المجلجلة في خاصرة الحقول المفتونة إلى المجد، ولمواسم الينابيع، للون الطين المتلألئ، لنبرة الفلاح الحامد، لحلمٍ قديم المفردة، لهمهمة العابرين، للدراويش الحمقى، التائهين في أكنّةِ الروح وأسبار أقاصي الوجع الممرّد، لأحجيات المرايا العطوفة، لرقصِ فراشة خجولة، لأنثى جبلية الهوى، تحلم بحقلِ حنّاء تراقص فراشات أنجبتها قصائدي التي لم أكتبها بعد .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى