هل نحن دولة مؤسسات؟
أ.د. حنا عيسى | أستاذ القانون الدولي
“يكون حكم الدولة أفضل إن كان عندها القليل من القوانين، وهذه القوانين مرعية بصرامة”
الغاية الكبرى من الدولة ليست التسلط على الناس أو كبحهم بالخوف ، ولكن الغاية منها أن تحرر كل إنسان من الخوف لكي يعيش ويعمل في جو تام من الطمأنينة والأمن ، ليعيش الإنسان في وئام مع جيرانه فلا يضرهم ولا يضرونه.. فقدرة الدولة على البقاء لا تقررها المساحة أو عدد السكان، بل إرادة شعبها وإيمانه ببلده، وتصميمه على جعل حياة أبنائه جديرة بأن تعاش ..نعم، الدولة المتقدمة ليست التي يركب فقرائها السيارات ولكنها الدولة التي يركب أغنيائها المواصلات العامة..وعليه، لا تقطعوا ايدي المثقفين فهم يد الصحوة التي تهز الدولة النائمة لتنهض من سباتها.وعلى ضوء ما ذكر أعلاه ‘ فإنه في الدولة الحديثة لا توجد مؤسسة واحدة ولا سلطة واحدة وإنما توجد هناك سلطات كل منها تمارس بواسطة مؤسسة دستورية. هناك سلطة تشريعية والتي تمارسها مؤسسة اسمها “البرلمان ” سواء تكون البرلمان من مجلس واحد أو من مجلسين وفقا لنص الدستور. وهناك سلطة تنفيذية تمارسها كل المؤسسات التنفيذية. وهناك سلطة القضاء تمارسها المحاكم على اختلافا انواعها . وكل سلطة من السلطات لها اختصاص محدد في اطار الدستور، فإذا هي خرجت عن هذا الاختصاص المحدد كان خروجا غير مشروع. وبذلك لا يستطيع احد التدخل في اختصاص أي منها لأن الدستور وزع الاختصاصات وحدد لكل مؤسسة اختصاصها وجعل المشروعية مقرونة بالاختصاص القانوني ، وهذا هو جوهر فكرة دولة المؤسسات.
والمؤسسات دائما متجددة على حين ان الاشخاص الذين يمارسون سلطة المؤسسة باسمها وفي حدود الدستور متغيرون وزائلون ، ولكن المؤسسات باقية ولا تتأثر بتغير وزوال الاشخاص ، اذ ان المؤسسات في الدولة الحديثة هي اجهزة الدولة للقيام بوظائفها واختصاصاتها في الاطار الذي يحدده الدستور والقانون ويعهد الى اشخاص معينين لممارسة تلك الوظائف والاختصاصات باسم المؤسسة وليس باسمهم الشخصي .