الصراع وقوة الشكيمة

د. يحيى عبد الله | أكاديمي من موريتانيا

قال الله تعالى في سورة الروم: (ألم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ4)

يتحدث القرآن الكريم عن تاريخ حضاري وثقافي كبير لكل مجتمع له ماض يستحق الإشادة والذكر في ديوان البقاء المحفوظ.
وهنا يتحدث لنا في مطلع السورة الكريمة عن صفة يتمتع بها هذا المجتمع المستأسد في ريادة المعارك وسلم الرقي الحضاري المادي جاء ذكر اسم الروم مقرونا بالغلبة في محطة من محطات الصراع الإنساني وقد يكون هنا في الجانب العسكري منه بشكل أخص حيث ذكرهم بهذه الغلبة الظرفية ونسبها لهم في بضع سنين وما ذلك لعزتهم عليه بل لشجاعة في النزاع واتخاذ لأسباب العزة المادية حيث يرى القارئ للتاريخ ويسمع عن معارك الروم بين كر وفر وانتصار وهزيمة تعكس الروح القتالية والشجاعية التي يتمتعون بها في خضم الصراع البشري والإنسان في مجالات عدة وقد برهنت على تلك الشجاعة ما تمتعوا به من استعمار للغير في حقب سالفة الذكر قريبة العهد لعالمنا المعاصر من شرقه وغربه دوت غلبة البيزنطيين الاستعمارية في أرجاء الأرض وحين ما بدأت تتحلل عرى تلك الحقبة الاستعمارية دخل عصر العلم التجريبي حديثا على يديهم مستعينين بما قدمه لهم ضعف غيرهم من الجيران المسلمين وفي ذلك العلم حيث أدركوا أن ساحة الصراع الحضاري تتجه نحو المعرفة واستغلال العلم لينقل الإنسان إلى كينونة العالم الواسع متحكمين فيه وسائقين في تطويره وتسخير علوم الذكرة لتكون في خدمتهم وقد برهنت. القرآن في السورة نفسها على معرفتهم قائلا: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا).
فقد كانت للروم ولا تزال شدة في القتال أرخ لها القرآن للمسلمين منذ بداية معركة نزوله فهل ذكرها لتكون درسا عابرا أو لتوجيه العقل المسلم ليستفيد من الدرس وينفض غبار الخنوع والتمسك وينهض للعلم والمعرفة ويزاحم في ركب صراع الحياة والبقاء ويبعد فقه الانتكاس والاستضعاف والاستذلال الذي عشعش في النفوس ولبد على المسلم دروس الحياة والتعلم من الغير لينهض برسالته الخالدة ويقرأ كتابه الماحي للأمية والجهل فهل ندرك قيمة الصراع الإنساني الذي ندور في فلكهم اليوم؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى