اغتيال الكلمة
د. مصطفى العارف | العراق
تعالت أصوات السعادة بولادة أفنان في بيت قديم تسكنه عائلة فقيرة تتكون من أبوين معوزين، إذ تعمل الأم في بيت الحاج سالم من تجار منطقة سامراء تقدم خدماتها مقابل بعض النقود التي لا تسد رمق العيش تحملت العناء, والشقاء والاهانة من اجل تربية ابنتها الوحيدة أفنان، ويعمل الأب فلاحا يوفر بعض الطعام مقابل عمله في مزرعة شاهين الناهي أدخلت الفتاة المدللة مدرسة الخيال وتخرجت بتفوق ونجاح منقطع النظير, توفي والدها في السادسة عشر من عمرها, تكفلت بمعيشة والدتها وأختها الصغيرة إيثار, انتقلت العائلة للعيش في بغداد بعد قبولها في كلية الآداب.
ظهرت عندها ميول أدبية ,وشاعرية نظمت أول مجموعة شعرية (حقيقة الألم)،وهي في المرحلة الرابعة، شاركت في المهرجانات الشعرية، وانتمت إلى وزارة الثقافة العراقية، إذ عملت في الصحف، والمجلات كمحررة ثقافية في عدة صحف عراقية, وحصلت على هوية اتحاد الأدباء والكتاب في العراق.
كتبت أول رواية لها سمتها الأمل شاركت فيها في المسابقة العربية فازت بجدارة بجائزة البوكر.
وقد عملت مراسلة لبعض القنوات العربية المشهورة من اجل توفير لقمة عيش لعائلتها, تميزت بالجمال والرقة, وعندما تكتب تقريرا صحفيا يلفت نظر الجميع بلغتها السيالة المفعمة بالمعاني الجياشة, لديها قدرة على الحوار جعلتها في مقدمة المراسلات الفضائية.
امتلكت الشجاعة, وقوة الشخصية, تدخل إلى ارض المعركة لنقل الأحداث كاملة من غير رتوش, هزت العاصمة العراقية بغداد عدة انفجارات كانت المراسلة الوحيدة التي تصل إلى مكان التفجير, وإعطاء معلومات دقيقة، وكاملة عن الأحداث التي يمر بها بلدنا الجريح .
عادت متعبة إلى بيتها بعد قضاء أوقات عصبية في نقل الأحداث المزرية للعنف الطائفي المقيت-: أفنان عليك ترك هذا العمل الشاق ,والخطير ,وهذا طلبي الأخير منك -: قالت لها أيثار أنا أنهيت دراستي الجامعية اليوم، وفي الغد التحق بوظيفتي الجديدة, ولا نحتاج إلى عملك بعد اليوم، لأنه على حساب حياتك وصحتك-: جلست أفنان على مائدة الطعام وهي تشعر بالجوع والصداع الشديد من الإرهاق الذي لحق بها اليوم -:أنني احمل رسالة للعالم اجمع, افضح المجرمين والارهابين الذين يقتلون النساء, والأطفال، والشيوخ ,والعمال الأبرياء من غير ذنب
قاطعتها والدتها بقولها-: اليوم وصلتنا رسالة تهديد لك بالقتل من قبل مجهولين, طرق الباب الساعة العاشرة صباحا, فتحت الباب وجدت ظرفا مرميا على الأرض فيه صورتك عليها علامة اكس وطلاقة جديدة لم تستعمل بعد وهي أشارة لقتلك-: قالت أفنان الأعمار بيد الله سأمضي بعملي المهني لكشف الحقائق, والإسرار التي تفضح حيتان الفساد والدمار ,ومهما كان الثمن حتى لو كانت حياتي هي الثمن
اتصل بها الأستاذ منير العزاوي مدير القناة الفضائية وطلب منها تغطية أحداث تفجير الإمامين العسكريين عليهما السلام في سامراء, وصلت إلى مكان التفجير مع الكادر الفني, واللوجستي المرافق لها, بدأت تعمل وتسجل الأحداث الحقيقة للتفجير، حتى تبثه للقناة الفضائية, تم اختطافها ,وكادر القناة الفضائية, وبعد البحث عنها أياما وجدت مقتولة, وقد نحرت من الوريد إلى الوريد، بعد أطلاق النار عليها من قبل مسلحين مجهولين, وتم قتل كادر القناة الفضائية بالكامل, ونحرت الحقيقة معهم إلى يومنا هذا.