حوارٌ في المنتصفِ

نور الهدى شعبان | سوريا 

أفواهُ الحقيقةِ وجبةٌ دسمةٌ فوقَ طاولةِ النَّبيذِ الأحمرِ .
خصرُ القصيدةِ شلالٌ يتساقطُ فوقَ جسدٍ متهالكٍ من شقوةِ البراءةِ المذبوحةِ على خشبةِ الحياةِ .
كانَ خيطُ النَّجاةِ يدنو منها حينَ مضَتْ تسبحُ في دمِها
وتركَتْهُ يسبحُ في الغيابِ .
كانَتْ معلَّقةٌ بينَ حلقاتٍ متشابكةٍ من الوهمِ ،
معلَّقةٌ بالمنتصفِ حيثُ تشدُّ الأساورُ وثاقَها على أعناقِ الأصابعِ ،
وبينَ بينَ الاثنين كانَ يحملُ رفاتَها كطفلةٍ اليومَ أنجبَتْها الحياةُ من مخاضِ التَّجربةِ ،
وبينَ ألمَهُ من ولادتِها العسرةَ وحنينَه في ابتسامتِها الخارجةُ من مقصلةِ الزَّمنِ ،
أنجبَ مئاتِ الكلماتِ الرَّاقصةِ فوقَ عريِّ المصابِ تهتفُ لروحيهما رغمَ اسودادِ الأوراقِ تحتَ نعوشَهُما المرهقةِ بالسَّلامِ ،
لمْ تَكُنْ تعلمُ أيكفيه اتِّساعَ روحِها لتحتضنَ تعبَهُ المنسابُ على صدرِها ،
أو كيفَ تقولُ له أحبُّكَ بقافيةٍ لا تشبِهُ القوافي ..
لمْ تكنْ تعلمُ من أينَ تبدأُ بِه ولا كيفَ ستنتهي ،
ولكنَّ اليقينُ بداخلِها مقيمٌ كيفما خطَّتْ الأقدارُ مكاتيبَها ، سيبقى المحرِّرُ المجهولُ لًها من كلِّ أشكالِ المشانقِ الملوَّنةِ ..
ليلى : هناكَ عندَ المنعطفِ موعدُ اللِّقاءَ مكلَّلٌ بأطواقِ ياسميناً أينعَ من دموعِ الانتظارِ ..
جهاد : أبقي كما الَّنخلةَ صامدةً لاتهزُّها عواصفُ الشِّتاءَ ولا تُذبِلُها حرائقُ الطريقَ ..
ربَّما أمضي حافياً فوقَ ركامِ الأحلامِ المحطَّمةِ ، أروي عطشَ كلماتي بعرقِكِ المنسكبُ فوقَ جسدِ حياتي ، وأُنعشُ أنفاسَ قصائدي المترنِّحةُ بينَ كفَّي منحدرِ النِّهايةِ الَّتي اغتالَتْ أحلامَ طفلٍ يأبى أنْ يكبُرَ على صفحاتِكِ البيضاءَ ، وينتظرُ موعدَ اللِّقاءِ ليمحي آثارَ الدَّمارِ الَّذي لحقَ بجسدي الكهلِ .
ليلى : إنَّها مشيئةُ الأقدارِ أنْ تمنحني الحياةَ رغمَ مسابحَ الدِّماءَ في حقولي المحتلَّةِ ، و أمنحُكَ السَّكينةَ والسَّلام ..
ذاكَ الطِّفلُ الَّذي تركْتَهُ بينَ صفحاتي البيضاءَ سيكبرُ ..
ويخطُّ أسمي وأسمكَ على جبهةِ التَّاريخ ، ليدوِّنَ في صفحتِهِ الأخيرةَ كيفَ الشَّمسُ مزَّقَتْ كلَّ الأسئلةِ المتعاكسةِ ، وخطَّتْ أجوبَتها حولَ روحين عانقا الظِّلّ عنوةً ، لتظهرَ الحقيقةُ جليَّةً دونَ مساحيقَ التَّجميلِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى