حكايا من القرايا .. ” المجنون “
عمر عبد الرحمن نمر | فلسطين
اجتمع عليه الناس… وهو يرقص ويصيح… يضحك تارة… ثم يبكي
الحج خليل، حج محافظ خلوق، يحب الناس جميعهم…
ما به؟ ما الذي حصل له؟ يرقص في الحارة ويغني… ويسب ويضحك ويرغي
الحج خليل، يا طرقته عين، أو انحرق عنده فيوز، أو ظربت أعصابه وقشنطت.
الحج خليل، صار يشرق ويغرب، يغني تارة… ويبكي أخرى… ويصيح.
الناس حوله في حيص بيص… في حيرة ودهشة… شو جرى له الله يجور عليه؟ تساءلت علية العمشة… الله يستره… ويشافيه أجابها السامعون… سمعها الحج، قهقه عالياً، وصاح بها: عاملة حالك شيخة… تطردين الجن، وتقرئين على الناس… وعلت قهقهته، وتأتين بالبيض الزراعي… وتبيعينه للناس بروس الأسعار على أساس أنه بلدي… برطمت العمشة ومشت… ووجهها يحمر ويصفر…
رأى الحج خليل مختار البلدة طالع على الحيط، فصاح عليه: انت سرقت البلد، طوّبت أراضي الناس باسمك، سمسرت عليها بالخفية وبعتها… انت لعين حرسي، وعامل حالك وجه في البلد… ومختار. وأشار بسبابته المرتعشة إلى عبد الجليل: مزبوط هالكلام يا عبد الجليل…؟ همهم عبد الجليل، وتمتم، ربما كان بحاجة لجرعة شجاعة، تعينه على النطق…
ثم أدار وجهه لسليم الصاحب… وقهقه الحج خليل… يخرب بيتك انت زلمي صحيح… بس نسونجي من الطراز الأول… اللي بتقوله غير عن اللي بتخبيه… انت نمس يا سليم، الكل بعرفك وبتوجهنلك… وإنت والله ما بتحب حالك…
وتعالت قهقهة الحج خليل… عندما رأى رجل الإصلاح صالح… أنت طالح فتان… لعين والدين… وعامل فيها رجل إصلاح… انت اللي بتعقد المشاكل، الله يعقدها بوجهك
غمغم التاجر سامح الليل، ثم كمم الحج خليل بسرعة، وقال للمجتمعين: ماذا تنتظرون؟ يخرب بيتكم… نشرنا على حبال الغسيل… ما خللا ستر مغطى… خذوه لأقرب مصحة، وعالجوه… عسى أن يعود لسيرته الأولى… ويصبح مثلنا… مثل ما بقا… غمغموه، وكمموه، وحملوه إلى المصحة… وهناك كشفوا عنه، وفحصوه، فوجدوا معدته قد امتلأت تفاح مجنّ… إنه تفاح يحيل العقال مجانين إذا أكلوه قبل أن ينضج… غسل الحكيم معدته، وشفي الحج خليل… لكن الطبيب أسرّ لأحد ذويه أن هذه النوبة المجنونة ستعاوده مرتين في السنة على الأقل…!