نفحٌ محمّدي.. حوارية غنائية

د. ريم سليمان الخش |فرنسا

حوارية غنائية بين أنا وجدي
بعد أن عدت بالزمن من الغد إلى الماضي:

تجاوزتُ سبقَ الضوء رجعا لمولدي
مرورا إلى عصر الهوان من الغدِ


بوقتٍ به الفصحى قلائد أمة
تُزيّنُ أعناق الكلام المسوّدِ


نظامٌ به الإنسان أيقونة الفضا
مكانة من بالنور للكنز يهتدي

قلوبٌ كمرجانٍ بوسط جزيرة
على يمّها العشاق بالدرّ تقتدي


وأنظارهم ترنو إليه مضيئة
مصابيح قد شعت بليلِ تودّدِ


ترينُ على الظلماء نورَ محبةٍ
وجوه كما الأقمار ..نفحٌ محمّدي


فلا عقدة التاريخ أودت بهم أذى
ولا حامل الثارات بالموت يفتدي!!


نفوسٌ على نهر الفضائل جُمّعت
لتحصد قمح الله من خير موردِ

سعيتُ إلى عصري القديم تلهفا
لأطلالنا الظلت بوقتي المبددِ


يشقُ عباب الوقت شقّا فتنثني
صحائفُ ذي الأعوام طيّا على يدي


سفينٌ فضائيّ كعفريت فرقدٍ
يسابق إشعاع الضياء الممسّد


رجوعا إلى الماضي السحيق بمركبٍ
وتوقيته السلبيّ بالصفر يبتدي

رأيتُ خيالاتي انسحابا إلى الورا
إلى أنْ وصلت الحيّ ساعة مولدي


رأيت على وجه السحائب غبطة
لميقات هطلٍ بالنداوة أجود


رأيت على تشرين صدغي مرصعا
طمأنينة عليا تظلّ إلى الغد

وكبّر في اليُمنى على حين مولدٍ
نداءٌ له أسلمتُ دون ترددِ


وكان أمامي رسم جدي مهللا
تقيّا له يسعى بقلبٍ موحّدِ


جدي:
أراك تجاوزت انكسارات أمة
منيعا كما تبدو بعزّ وسؤددِ


فصيحا وماألقاك إلا مغرّدا
متى تلتقِ الآماق بالشعر تنشدِ


وفيا لبنيان الخليل ومااحتوى
كياقوت ألحانٍ بصرحٍ ممرّدِ


شغوفا بإيقاع البحور مسافرا
إليها كقبطانِ الكنوز المجدد


ألم تحتفل بالفنّ في ثوبه الذي
تخطى لأزياء القصيد المقيّدِ!؟


ألست الذي يسعى لبرج حداثة
يُدعمها مبنى نماءُ التجددِ


ألست الذي نادى بوحدة عالم
به المركز الإنسان قلب التعدد؟!

أنا  :
أجل دونما شكٍ تُولّد صورتي
تفاعيلُ من ألف انصهارٍ بموقدي


على أنّ بنيان القصيد مجسّدٌ
كهيكل قُداسٍ لربّ مسرمدِ


يقينا بأنّ الشعر وحيٌ منزلٌ
تنزل في شكل القصيد المغرّد


كما علم الأسماء سرا بذاته
وسطر بالأقلام لوح التعبد


توافيقُ في علم العروض كفيلة
بترجمة الأحساس دون تبلّدِ


فيتبع إيقاع القلوب هبوبها
بكل زوايا الشعر هطلٌ بها ندي


أرى أنّها كالروح أمرٌّ مغيبٌ
وفي شيفْرتي أوزان شعري المجدد


عصيّ على الأزمان محو ارتكازه
هو الثابت الكوني صعب التبدد

ركبت سفين الوقت عدت تقهقرا
ليوم عصيبٍ بالجناية أسودِ


لحقبة خفّاش الظلام طليقة
لتمتص أعناق الصلاح وتعتدي


وياليتني أفدي الحسين بمهجتي
وعن حقبة سودا لقومي أفتدي


لأهوالها وقعٌ عظيمٌ مزلزلٌ
مكثنا مديدا في الضياع المعربد


وياليتني أفديه جدي فلا أسى
يُخيّم بالأجوا كموتٍ مؤكسد

ولم تُخرج الأجيال إلا رجاحةٌ
تشدّ حبال الله عكس التشدد


لتعمل في لمّ القلوب ووصلها
بتزواجها رغم النفور المؤكد


تُقسّم قلبا بين عمٍ وخالة
فلم يفتعل بغضا وللثأر يقصد ِ

فأكثر هداك الله من جمعهم معا
لعلّ فراخ العش بالحبّ تهتدي
****
إذا تجاوزت مركبة فضائية سرعة الضوء فإنها تعود إلى الماضي …أي يصبح الزمن سالبا
الشيفرة هي الشيفرة الوراثية …والمعنى أنّا فطرنا على أوزان البحور الخليلية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى