تساؤلات وجودية للأخرس واليوسف في بيت الشعر بالشارقة
الإمارات العربية المتحدة – الشارقة
نظم بيت الشعر في دائرة الثقافة بالشارقة مساء يوم الثلاثاء 3 أغسطس 2021 قراءات شعرية شارك فيها كل من أحمد الأخرس وحمزة اليوسف بحضور الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر وعدد من محبي الشعر والثقافة في جو التزم بالإجراءات التي فرضتها جائحة كورونا، وقدمها الشاعر عبدالكريم يونس، الذي تحدث عن الجهد الذي تبذله إمارة الشارقة من أجل استمرارية الثقافة في الروح، وفتح مساحات الأمل ونوافذ التغريد للشعراء ليلتحموا بجمهور الشعر المحب للحياة.
افتتح القراءات الشاعر حمزة اليوسف وقرأ نصوصاً غارقةً في التساؤلات والتأمل، وبدأ بأسئلة الشاعر لذاته الشعرية وللشعر وهو يمني النفس بإجابة تحتفل لها الروح في حفلة يقدم الشعور فيها المن والسلوى للروح المتعبة، ومن قصيدة “قصائدنا” قرأ:
ألا يا شِعرُ يا وجْهَاً خُرُافيَّاً
أجبني كيفَ مَا تَهوَىْ
متى سُتقدمُ التَّحنَانَ والإيمانَ
للإنسانِ مثلَ المَنِّ والسلوَى؟
لمَنْ لو تشتهي أُنْثَى
تُرتِّبُهَا على مَهَلٍ وتُنْشِئُهَا
مَجَازاً عَزَّ أن يُلوَى
لمنْ سَتكونُ حينَ العمرُ
مَرَّ هُنا هَطُولاً دونَ أنْ يُروَىْ ؟
ثم واصل تحليقه في الخيال والتساؤل حول معنى العبقرية وماهيتها، وهو يطوف بتجربته النضرة الناضجة في التجلي مع الكلمة، ليصل إلى قناعة بأن العبقرية هي ما قاله:
العَبقريَّةُ أنْ ترى مَا لا يُرَى
وبأنْ تَصيرَ إلى خَيَالِكَ دَفْتَرَا
وبأنْ تَمُرَّ عَلىْ التَّساؤلِ قَابِضَاً
قَبَسَ الإجابةِ مُوقِنَاً و مُفَسِّرَا
وبأنْ تَجُسَّ دَمَ الرِّيَاحِ و تَقْتَفِيْ
أثَرَ الهُبُوبِ .. مُعَانِقَاً و مُبَشِّرَا
وبأنْ تَشِفَّ كَظِلِّ دَمْعِ فَراشَةٍ
نَذَرتْ جَناحَيها لتُصبِحَ أعطَرَا
وبأنْ تَطُوفَ بِغَيرِ جِسمٍ مَرةً
نَحْوَ انْبِثَاقِ الروحِ حَتَّى تَعْبُرَا
واختتم حمزة اليوسف قراءاته بذات الروح المتسائلة بدءاً من أول البوح إلى نهاية نزف الحروف، ومن قصيدة “أتُرى” قرأ:
يا حُرْقَةَ (الدرويش) مَا شَبِعُوا
سَفْكَاً ولا مِنْ دَمِّنَا انْصَرَفُوا
لَوْ يَسْلخُوا مِنْ عُمرنا غَدَهُ
بالتِّينِ والزَّيْتُونِ نَلْتَحِفُ
جُدْرانُ هَذا الغِلِّ نَاحِلَةٌ
وَهَزِيْلةٌ مِنْ وَهْمِهِ السُّقُفُ
سَتَمُرُّ .. لَوْ يَا نَارُ تَعْتَرِفِيْ
كَمْ مِنْ لَهِيبكِ أُتْقِنَ الخَزَفُ
أحمد الأخرس الذي اكتنزت مفرداته بالتساؤلات الوجودية والتأمل في الحياة والموجودات، قرأ نصاً بعنوان “الجوكر” طاف به في مراحل ومحطات من الحياة التي رافقتها معاناة الروح اللاهثة في نفق يفضي إلى الضوء، ومنها:
غزالاً.. غزالاً..
تقافزتُ في درجِ الفقراءِ
ببدلتيَ القرمزيةِ أضحكُ منهم
عليهمْ.. عليَّ..
على شارعٍ فاصلٍ بين زوجينِ ينتظرانِ الطلاقَ
على امرأةٍ شنقت نفسها بحبال الغسيلِ
ومدَّت شراشِفَ أحزانها في الهواءِ لِيَرثِيَها
ثم قرأ للذات والعاطفة التي لونت الحياة بالورد وقوس قزح، وشرعت لنسمات الوجد أبواب الروح، فدخلت الحروف منسابة معطرة، ومن القصيدة قرأ:
أمرُّ في دمكِ الفضِّيِّ، يطرقني
خِلخالُ حزنيَ لا خِلخالَكِ الذَّهبي
أمشي الهُوَينى على خيطِ الحرير إذا
ما انسلَّ من شالِكِ الورديِّ في شَغَبِ
أمشي، ورائيَ دنيا لا أتوقُ لها
تغربلُ الناسَ تلوَ الناسِ بالكذبِ
أمشي إليكِ، شحيحَ الملحِ ممتلئاً
شوقاً تقَطَّرَ من جفنيَّ.. فاقتربي
تَشِبُّ في خندقي النيرانُ، أطفئها
ولي من الحظِّ أني بعدُ لم أَشِبِ
واختتم القراءات الشاعر عبدالكريم يونس بقصيدة انسلت من العاطفة الذاتية، لتحط على أغصان الوطن صادحة بصوت شعري شجي، ومما قرأ:
ودّعــتُ شِــعــرَ الــعــذارى لـيـس بـي حَــنَــقٌ
عـــلــى الـــغــــرامِ… ومــا غــــادرتُــــه مَـــلَـلا
وصـــار لــحـــنُ غـــرامــي نـــارَ قـــافــــيــتـــي
وصــار جــمــري لأشـــــــعــارِ الــهــــوى بَـــدَلا
قـــد كـــان لــي أمــــلٌ أن الـــصـــبــــاحَ غـــداً
ســـــيــحــمــلُ الــنـــورَ فــي إشـراقِـــهِ حُــلَلا
طـــالَ الـــغـــيـــابُ ولـــم يــأتِ الــصــبـــاحُ ولا
بــشــــائِـــرُ الــنـــورِ لاحــتْ تـــبـــعـــثُ الأملا
في ختام الأمسية كرم محمد البريكي الشعراء ومقدم الأمسية.