الكتب والحياة …

عبد القادر الحصني | شاعر سوري يقيم بمصر

عكّرت الكتب الكثير مما بيننا أيّتها الحياة
أعني الكتبَ كلَّها
هل مساكبُ الورد التي أعدّها البستانيُّ أجمل من هذا السياج؟!
لمَ السياجُ أصلاً؟
أعتذرُ من شجيرات الزعرور وتوت العلّيق وعرنوس الحيّة وقثّاء الحمار وخبز الراعي والحُمّيضَة والقُرّة…
كان يمكن أن نلتقي في أماكن أخرى
قبل أن أكمل اعتذاري
المقبول منكنّ بالتأكيد
غير المقبول من الكتب
أحبُّ أن أبوح لكنّ بأمر:
تعرفن أجملَ الأماكن التي التقيتكنّ فيها؟
ربّما لا تتذكّرن
ليس على ساقية الغمايا ما بين بساتين حمص والوعر
ليس في المسرب الجميل ما بين الميماس وكتف القرابيص
لا
كنتنّ أجمل في طريق حمص دمشق القديم
على تخوم ما يسمّونه المارستان
حيث وراءكنّ كان يمشّى عدد كبير ممن لا يحبّون الكتب
ليس أجملهم ذاك الذي يكتب الشيكات للعابرين المسافرين
فلان الصبّاغ
كان يحمل ختمًا باسمه وتوقيعه
نقدته نصف ليرة سورية
كتب لي شيكًا
” يُصرف لحامله مبلغ ربع ليرة سوريّة من بنك القنيطرة “
لماذا بنك القنيطرة؟ لا أعرف
ليس هذا هو المهم
ولكن أدفع نصف ليرة وآخذ شيكًا بربع ليرة؟!
استدرك بخطّه الجميل في أسفل الشيك
” وكمان يصرف ليرة سوريّة كاملة فقط أيضًا “
وختم وتوقيع

لم أرم ذلك الشيك بينكنّ على السور
ماذا لو عدتُ لأراكنّ وظننتنّ أنّني عدتُ لأبحث عنه؟!
تتذكّرن الكتب التي كنت أتحدّث عنها؟
هو بين صفحات واحد منها
بين كتب كثيرة
لا أعرف أين هي الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى