غزوة خزَّانات المياه في الضفة الغربية!!
توفيق أبو شومر | فلسطين
غصَّت الصحف الإسرائيلية بخبرٍ، سوَّقتْهُ على أنه انتصارٌ حاسمٌ على (عصابات الإجرام الفلسطينية) في الضفة الغربية، على لسان قائد غزوة الخزانات، العقيد، آفي أساف:
“نجحت كتيبة جيش إسرائيل في الضفة الغربية، بالتعاون مع الإدارة المدنية، في تفكيك خلية (إرهابية) فلسطينية، تسرق المياه من الأنابيب (الإسرائيلية) وتوزعها على الفلسطينيين، إليكم عدد المضبوطات في هذه العملية:
مصادرة 18 شاحنة مياه فلسطينية،
مصادرة ثلاث مضخات مياه.
إغلاق ثماني برك، غير قانونية لتخزين المياه المسروقة.
اعتقال 29 فلسطينيا متهما بالسرقة!!” (صحيفة، إسرائيل هايوم 16-7-2019)
بعد انتهاء غزوة خزانات المياه نشرتْ بعضُ صحف فلسطين، كالعادة، خبر الغزوة، ولم يُتابَع الخبر من الفلسطينيين، ولا حتى ردود فعل، أو إحصاءات، أو رصد انتهاكات سرقة مياه الفلسطينيين من قبل سلطات الاحتلال، تستحق الترجمة والتوزيع.
إن ملف، البيئة والمياه، هو الملف الأكثر اهتماما في ألفيتنا الراهنة، وهو مُقدَّمٌ على السياسة، وفنونها، وعلى أقوال السياسيين والعسكريين، ملف البيئة والمياه، هو الملف الأخطر، لأنه ملف الحياة المستقبلية، لأن البيئة لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولا برايات الأوطان والأحزاب، إن انتهاك إسرائيل للبيئة يُعادل انتهاكها لحقوقنا الوطنية المشروعة، بل هو الأكبر والأخطر لو أحسنَّا توظيفَه.
كتبتْ الصحفية، عميرة هآس في صحيفة هآرتس، عن أكبر جريمة في تاريخ العالم:
“تسيطر إسرائيل على 85% من مخزونات المياه في الضفة الغربية، يستهلك الفرد الفلسطيني في اليوم ثلاثة وعشرين لترا من الماء فقط، بينما يستهلك الفرد الإسرائيلي على الأقل، مائة وثمانين لترا، تبيع إسرائيل المياه للفلسطينيين، وهي المياه المسروقة منهم”
(صحيفة، هآرتس ، 24-5-2016م)
سأظل أذكر وأُكرر، تقريرا نشره عضو البرلمان الفرنسي، جين كالفاني، حينَ كلَّفَهُ البرلمان الفرنسي بكتابة تقرير عن مياه الفلسطينيين، كان، جين كالفاني، وزيرا للزراعة في حكومة، فرانسو ميتران.
أنجز، كالفاني دراسةً غير مسبوقة، خلصت إلى أن إسرائيل تستخدم سلاح المياه لتعزيز نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، كما فعلت جنوب إفريقيا، فهي تجبر الفلسطينيين على البحث عن مياه الينابيع غير الصحية، وتستأثر بمخزون المياه الجوفية، إسرائيل ترى أن مياه الضفة الغربية أشد خطرا عليها من الصواريخ، كما أن جدار الفصل، أقامته إسرائيل لتعزيز الأبارتهايد المائي!!
لم ينته مفعول التقرير السالف عند إسرائيل، كما انتهى عندنا، فقد أشعل هذا التقرير الضوء الأحمر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ندَّدتْ الوزارة بالتقرير، وفتح الإعلام الإسرائيلي ملف، عضو البرلمان، جين كالفاني، واتضح لهم، أن جين كالفاني، نُسخةٌ من القنصل الفرنسي في سوريا عام 1840 الذي أعدم اليهود، بتهمة قتل قس مسيحي، لاستخدام دمه في خبز البيسح، إذن، جين كلافاني متهم بأنه ليس لا ساميا فقط، بلا إنه متهم بتلطيخ وجه إسرائيل بفرية الدم!! (من مقال للكاتب الإسرائيلي، جوليو موتي يديعوت 20/1/2012) .
ومن ثمار هذه الهجمة، أعلن أعضاءُ لجنة الزراعة في البرلمان الفرنسي براءتَهم من معدِّ التقرير، جين كالفاني، وسُحب التقرير من ملفات البرلمان !!
لا أعرف هل ما زلنا نحتفظ نحن الفلسطينيين بنص هذا التقرير، الذي نشر في حينه حتى اليوم، أم أنه دخل في خزانة النسيان الفلسطينية!!