إسرائيل تخالف القانون الدولي باستخدام القوة المسلحة ضد الشعب المحتل
سعيد مضيه | مترجم وكاتب فلسطيني
مارغوريه كوهن: (كل من يعارض إرهاب إسرائيل يتعرض لعواقب وخيمة، والولايات المتحدة أعظم سند للاحتلال)
إسرائيل والحركة الصهيونية التي تقودها تزعمان انهما تمثلان يهود العالم ، الصهيونية هي اليهودية والتعرض بالنقد للصهيونية عداء للسامية حسب التلفيقات الصهيونية. بدأ التلفيق باستخدام القوة المسلحة منذ إعلان الكتاب الأبيض البريطاني عام 1938 لتصفية كل من لا يدعم الصهيونية من بين اليهود، حسب قاعدة كل من ليس معنا فهو ضدنا. شمل العنف الصهيوني أيضا الجنود والشرطة البريطانيين في أنحاء فلسطين وكذلك العرب. شرعت الميليشيات الإرهابية اليهودية بفلسطين تمارس الاغتيالات؛ تعاونت العصابات المنتمية لحركة حيروت مع الهاجاناه الخاضعة لإشراف بن غوريون. توقف الإرهب مع اندلاع الحرب، ثم استؤنف مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ضد الأطراف الثلاثة؛ وفي العام 1946سيطرت العصابات الإرهابية تماما على فلسطين؛ وفي العام التالي شرعت تركز الهجمات على المكشوف ضد العرب كي تستدرجهم الى الصدام المسلح وسيلة للتطهير العرقي، طبقا لخطة دالت التي وضعها بن غوريون بالتعاون مع حلقة ضيقة من الأعوان. أرادت الصهيونية منذ البداية إقامة دولة شمولية بوجه ليبرالي، تخضع للسيطرة الصهيونية المطلقة، حيث فبركت أكذوبة مرادفة الصهيونية وإسرائيل لليهودية وفرضتها بالعنف المسلح. عارض بعض اليهود المتنفذين، ومنهم يهودا ماغنس ؤئيس الجامعة العبرية وأينشتين وحنة أرندت وغيرهم النهج الشمولي، وجوبهوا بصد لم يحترم مكانتهم العلمية.
في الوقت الراهن يجهر يهود كثر بمعارضتهم للصهيونية ونظام الأبارتهايد المفروض على السكان العرب في فلسطين. ومن بين المعارضين للصهيونية الحقوقية مارجوريه كوهن، أستاذة القانون بمدرسة ثوماس جيفرسون للقانون، وانتخبت في السابق رئيسة نقابة المحامين بالولايات المتحدة، وهي عضو اللجنة الاستشارية الوطنية للدفاع عن جوليان أسانغ وعضو مكتب الجمعية الدولية للمحامين الديمقراطيين. كتبت كوهين:” ليس من حق إسرائيل ممارسة العنف ضد شعب هي تحتل أرضه، باسم الدفاع عن النفس . وميثاق جنيف الرابع ينص على أن على أي قوة محتلة واجب حماية من تحتل أرضهم . وبصفتها دولة محتلة لا يحق لإسرائيل استخدام القوة العسكرية ضد شعب الأرض المحتلة” . هذا ما أكدته في مقال نشرته بعنوان ” تفويض المسيّرات الإسرائيلية قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية”، المنشورفي الرابع عشر من اكتوبر /تشرين أول الحالي. وصدر لها كتاب “الطائرات المسيرة والقتل المتعمد : قضايا حقوقية وأخلاقية وجيوسياسية.”
كوهين تنشر مقالاتها على الموقع الإليكتروني”تروث اوت ” وعنه ينقل موقع” كونسورتيوم نيوز”، نظرا لامتناع الميديا الرئيسة عن نشر كتاباتها. وفي مقالة سابقة بصدد زيارة بايدن الى الشرق الأوسط(18 تموز الماضي) أشارت كوهين إلى أن “كل من يتحدث ضد الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي يواجه عواقب خطيرة ؛ فقد طردت الصحفية التقدمية، كاتي هالبر، من مؤسسة “ذا هيل” لأنها دافعت عن رشيدة طليب، عضو مجلس النواب الأميركي، حين وصفت إسرائيل بدولة أبارتهايد. منظمات كبرى لحقوق الإنسان وصفت إسرائيل بدولة ابارتهايد . مؤسسة ذا هيل تملكها مجموعة ” نيكستار ميديا ، التي تعتبر نفسها أضخم شركة محلية للمحطات التلفزيونية والميديا”.
وأضافت كوهين، “ان الصحفيين الذين ينشرون الحقيقة حول جرائم إسرائيل يخاطرون بالطرد او حتى بالاغتيال. فلا إسرائيل ولا الحكومة الأميركية والميديا الاحتكارية الكبرى التي تسيطر عليها تحتمل أي نقد لاحتلال إسرائيل غير الشرعي”.
ادانت كوهن في مقالتها المنشورة يوم 14 أكتوبر الحالي ما أعلنه رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي تفويضه استخدام المسيرات لقتل فلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، المتزامن مع ازدياد حوادث إطلاق النار بكثافة، خصوصا في المناطق الشمالية من الضفة، جنين ونابلس، كما أفادت صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية. قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي(هكذا تسميه في جميع مقالاتها) الفلسطينيين. ومنذ العام 2008 وطائرات سلاح الجو تقتل الفلسطينيين بالجملة في قطاع غزة. تشكل المسيرات نسبة 80 بالمائة من القوة الجوية في إسرائيل.
وجاء في المقالة أيضا، “بموجب القانون الدولي من حق شعب فلسطين الشرعي مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لوطنهم، بما في ذلك النضال المسلح . وفي العام 1982 أصدرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارا “أكدت فيه شرعية نضال الشعوب من أجل الاستقلال ووحدة أراضيها والوحدة الوطنية والتحرر من السيطرة الكولنيالية الأجنبية والاحتلال الأجنبي بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك النضال المسلح”. تطرق المقال الى مصرع شيرين أبوعاقلة في شهر مايو / أيار 2022، مشيرة الى أن ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية يصنف جريمة حرب كل استهداف بالقتل او إلحاق الأذى بالمراسلين الحربيين او الصحفيين ممن ينشرون التقارير عن الحرب في مناطق الاصطدامات المسلحة او المنطاق المحتلة .
وأضافت، “في 20 سبتمبر/ أيلول صدر تقرير مشترك عن اللجنة الفلسطينية لحقوق الإنسان –ألحق- ومجموعة المهندسين المعماريين للطب الشرعي ، ومركزها لندن، وجد ان القوات الإسرائيلية قد استهدفت مرارا وبصورة متعمدة الصحفية أبو عاقلة برصاصة ’جيدة التصويب‘. وفي نفس اليوم قامت الفيدرالية الدولة للصحفيين ، مع المركز الدولي للعدالة للشعب والصحفيين الفلسطينيين بتقديم شكوى للجنائية الدولية نيابة عن أسرة الصحفية شيرين أبو عاقلة والصحفي علي الصمودي ، الذي تعرض في ذات الوقت هو أيضا لرصاص جيش الاحتلال… جمعية الحق إحدى ست منظمات لحقوق الإنسان أتهمها جيش الاحتلال بدون أساس ’منظمات إرهابية‘ ، وإحدى سبع منظمات تعرضت لاقتحام جيش الاحتلال”.
ومضت كوهين الى القول،”جاء اغتيال ابو عاقلة بعد أيام من إقدام منظمة الصحفيين الفلسطينيين ومحامين بارزين عن حقوق الإنسان على تقديم شكوى أولية الى الجنائية الدولية تضمنت الاحتجاج على الاستهداف المنهجي للصحفيين الفلسطينيين. وقال المحامي عن اسرة أبوعاقلة، جانيفير روبينسون،’ إن قتل الصحفيين محاولة للتغطية على انتهاك حقوق الإنسان ومنع توثيقها؛ كما يسهّل التملص من المظالم التي يسعون لإخفائها‘”.
وناقشت كوهين مسألة اغتيال شيرين أبو عقلة في مقالة سابقة (18 تموز) تعرضت لزيارة بايدن الى الشرق الأوسط و إسرائيل حيث كتبت، “تأتي زيارة بايدن عقب ان غسلت حكومة الولايات المتحدة إسرائيل من دم الصحفية الفلسطينية – الأميركية المحبوبة شيرين ابو عاقلة، التي عملت مراسلة لفضائية الجزيرة طوال خمس وعشرين سنة….رغم ان الحكومة الأميركية استنتجت أن عاقلة ’يحتمل‘ انها قتلت برصاص قناص من الجيش الإسرائيلي، إلا أنها زعمت’ما من سبب للاعتقاد بأن القتل كان مقصودا ، إنما نتيجة ظروف تراجيدية‘”. فندت كوهين هذا الاستنتاج المغرض،” ابوعاقلة التي كانت ترتدي صدرية عليها شارة صحافة أصيبت بعيار تحت أذنها ، الجزء الوحيد من وجهها لم يكن محميا . قالت زميلتها الصحفية شذى حنايشة التي ارتدت مثلها صدرية عليها عبارة صحافة ان ’الجنود لم يتوقفوا عن إطلاق النار حتى بعد أن سقطت شيرين …كان الجنود مصرين على إطلاق النار بقصد القتل‘. وفي تحقيق طب شرعي أجراه لصالح الفضائية الأميركية سي إن إن، المحقق كريس كوب-سميث، استخلص ان ’عدد ضربات الرصاص على الشجرة التي وقفت تحتها أبو عاقلة يبرهن ان الطلقة لم تكن عشوائية ، فقد كانت مستهدفة‘”.
اما داخل إسرائيل فتؤكد كوهين، “’ان المحكمة العليا في إسرائيل تشرعن كل ما تقوم به قوات الأمن الإسرائيلية: كما كتب إشاي مينوخين، المدير التنفيذي للجمعية العامة ضد التعذيب في إسرائيل في كتابي -المسيرات والقتل العمد: قضايا حقوقية وأخلاقية وجيوسياسية-، وأضاف ’بمقدور المرء ان يستنتج فقط أن المحكمة العليا الإسرائيلية إحدى الهيئات الرئيسة التي تمكن من استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقوة أخرى تمكن إسرائيل من احتلالها غير الشرعي هي حكومة الولايات المتحدة، التي تزود إسرائيل ب3.8 مليار دولار كل عام كمساعدة عسكرية‘” .
وبصدد الرئيس الأميركي بايدن كتبت كوهين:”رفضت إدارة بايدن إدانة إسرائيل. اكدت زيارته ” ان الولايات المتحدة تظل أعظم سند للاحتلال الإسرائيلي. فقد وعد بايدن مواصلة إمداد إسرائيل بما قيمته 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية سنويا لكي تحافظ على احتلالها غير الشرعي للأراضي الفلسطينية… متعهدا ب ’الوقوف مع دولة إسرائيل الديمقراطية واليهودية‘، فقد تجاهل بايدن استثناء شعب فلسطين من ’ديمقراطية‘ إسرائيل، التي لاتطال سوى اليهود… إسرائيل دولة أبارتهايد”.
أضافت كوهين : “إثر وصول بايدن مطار بن غوريون وصفه يائير ، رئيس وزراء إسرائيل ، ب ’الصهيوني العظيم واحد أفضل الأصدقاء ممن عرفتهم إسرائيل‘. إسرائيل دولة ثيوقراطية يهودية أقيمت حكومتها الصهيونية على الأرض لفلسطينية… في بيان مشترك صدر عن بايدن ولبيد حمل إعلانا بالشراكة المشتركة الأميركية – الإسرائيلية؛ “أكدا انهما ’سيواصلان معا مقاومة كل الجهود المبذولة لنزع الشرعية عن إسرائيل، ورفض حقها في الدفاع عن النفس، أو إبعادها بدون وجه حق عن اي منبر ، بما في ذلك الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية‘.”
فسرت كوهين مضمون البيان ،” وهذا يعني أن إدارة بايدن تلتزم ب : معارضة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، المحمية دستوريا؛ وتأكيد ادعاء إسرائيل غير الشرعي بالدفاع عن النفس ضد الفلسطينيين الرازحين تحت احتلالها ؛عرقلة التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية؛ والتصويت ضد انتقاد إسرائيل في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وبينما يتعهد بايدن بالولاء لإسرائيل فإن آلاف الفلسطينيين في مسافر يطا بالضفة الغربية المحتلة يواجهون الطرد الوشيك بالقوة من ديارهم. ورغم أن ذلك سوف ينتهك مواثيق جنيف فإن بايدن لم يستنكره رغم الاحتجاجات ضده من قبل منظمات أميركية ويهودية ومائة عضو في الكونغرس. ولن يجتمع بايدن مع البشر المهددين بالطرد من مسافر يطا او مع اي مجموعة فلسطينية بيوتها مهددة بالهدم الممول من دافعي الضرائب الأميركيين. إن زيارة بايدن تظهر وجود فرق طفيف بين إدارته وإدارة ترامب من حيث الدعم غير المتحفظ لإسرائيل . بدولارات الضرائب الأميركية تواصل حكومة الولايات المتحدة تمكين الاحتلال الإسرائيلي الشرس غير الشرعي للأراضي الفلسطينية”.
ترد مارغوريه كوهين بتسخيف اوهام المراهنة على الولايات المتحدة او الغرب الامبريالية عموما في إلزام إسرائيل بإعادة النظر في مشروعها الاستيطاني- الإقتلاعي بفلسطين. فكل من يصادق أميركا أو اي من دول الغربالامبريالية يستحيل ان يكون معارضا صدقا للاحتلال الإسرائيلي ومشاريعه الاستيطانية. كانت مراهنة القيادات الفلسطينية على “الصديقة” بريطانيا ثم على الولايات المتحدة الأميركي عبث سياسي وجهود عقيمة. كان ذلك أحد عوامل النكسات المتعاقبة للمقاومة الفلسطينية .
اكتب إلى جميل السلحوت