سوالف حريم.. القدس والأقصى والقيامة

حلوة زحايكة | فلسطين

محرقة قطاع غزة جعلتني أشيخ قبل الأوان، وما بيدي حيلة لنجدتهم، أموت في اليوم ألف مرة وأنا أشاهد كيف يقتل الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة، ويضيق صدري ويقتلني الألم وأنا أرى ردود أفعال بني قومي، والأشد مرارة أنهم لم يعودوا يستنكرون كما كانوا في السابق، بل إنهم يناصرون أعداءنا ويمدون طائراتهم بالوقود لقصف أبناء شعبي، وتحمل طائرات النقل الأمريكية الذخيرة لإسرائيل من قواعدها في البلدان العربية لتحرق أهلي وإخوتي في قطاع غزة، وهذا سبب لي أوجاعا في جهازي الهضمي، ويؤرق جهازي العصبي، فنظرت من نافذة بيتي إلى المستوطنة المجاورة والمقامة على أرض أهلي، والتي لي فيها نصيب من الميراث، فازددت ألما على ألم، وقررت الخروج إلى قمة الجبل لتكتحل عيناي برؤية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وأحد المساجد الثلاث التي تشد اليها الرحال.

ولأستنشق هواء عليلا مرّ فوق قدسي، فنسيم القدس يعيد الروح الى الجسد، وهذا ما لا يعلمه من لم يشدّوا الرحال الى الأقصى، أو لم يفكروا بذلك فيا لخيبتهم وخسارتهم! ولما اكتحلت عيني برؤية القدس القديمة بأقصاها وقيامتها نزلت دموع الشوق من عينيّ، فربما أنا واقفة الآن في نفس المكان الذي وقف فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهلل وكبر وخرّ ساجدا لله عندما أطل على عروس المدائن، فسمي الجبل “جبل المكبر” بناء على تكبير الفاروق على قمته المطلة على القدس. وعندما بنى المستعمرون الانجليز قصر مندوبهم على قمة الجبل عام 1922 اغتاظ من ذلك زيتونة فلسطين الشاعر عبد الكريم الكرمي”أبو سلمى”، فكتب قصيدته الشهيرة التي مطلعها:

جبل المكبر طال نومك فانتبه….قم واسمع التكبير والتهليلا

جبل المكبر لن تلين قناتنا…. حتى نهدّم فوقك الباستيلا

ونشرها في مجلة “الرسالة” التي كان يرأس تحريرها المازني، وكانت سببا في فصل أبي سلمى من عمله في هيئة الإذاعة.

وبعد رحيل الانتداب البريطاني عن فلسطين تاركا أسلحته للعصابات الصهيونية، تم استعمال القصر ولا يزال كمقر رئيس لقوات الطوارئ الدولية في الشرق الأوسط.

نظرت من هناك إلى القدس وفي القلب غصة لكثرة المستوطنات اليهودية التي تخنق مدينتي. وبكيت عندما دار في خلدي أن الأقصى في خطر حقيقي وأبناء أمتي يغنون للقادة الأشاوس، الذين أضاعوا القدس وما حموا ثغرا ولا صانوا شعبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى