اغتراب
نور الهدى الهدى شعبان | سوريا
رحلةُ البحثِ عن الأشباهِ قيدَ المعالجةِ، تتولّى أمرَها ساعاتنا المريضةُ، بينما ننثرُ بذارَ أرواحنا بحبٍّ حتّى تثمرُ بنجاةِ سنبلةٍ لم تعتنقْ تاريخاً مزوّراً .
الحقيقةُ الوحيدةُ تجمعنا في مستنقعٍ يعجُّ باللّقاءاتِ الخاويةِ،
طلاسمٌ مسحورةٌ تلوّثُ صفحاتنا النّاجيةَ من كوارثِ الخذلانِ ..
لذا كان من الصّعب الوقوع تحتَ رحمةِ مرارةِ الاختيارات القاسية، الّتي تمزّقُ شرايينَ الرّأفةِ بمشاعرٍ معلّقةٍ بينَ دنوٍّ وابتعادٍ عمّن يقطنُ منفانا المرهق .
شهد: حاولتُ جاهدةً أن أُنجِزَ جسداً لا يضنيه ضياعٌ ولا تُسقِمَه المسافاتُ في أحضانِ وطنٍ ممزَّقٍ، ولكنْ عبثاً؛ أُثقلَ كاهلَ ريشتي الّتي باتَتْ تصوغُ ألوانَها بشفافيّةٍ دونَ أثرٍ يذكرْ، فجسدُ العشقِ الّذي أَنجزتُهُ تحوَّلَ لرغيف نجاةٍ يتجوّلُ عبرَ المطاراتِ، يحصدُ أختاماً شتّى بصفةِ لاجئٍ .
إيّاكَ أن تسخرَ من منفايَ الحزين، وأنا أشدُّ وثاقَ أشرِعَتَك من شرايينَ تقطّعَتْ في كلِّ محطَّةٍ تحاولُ فيها أن تنقذَ ذاكرتي من فقدانك ..
– قصيدةُ عشقي الّتي طأطأت رأسها تحتَ مظلّاتِهم السّوداء، كانت تخشى الورودَ الّتي صنعْتَ منها أساوري ليلةَ عشقٍ، قبلَ أن تُضْرَمَ بِهِ نارُ البكاءِ والتشرّدُ في منفى وطننا المنكّلِ بأشلائِه ..
همام : – لا تقلقي يا عزيزتي سريرُ أمنياتنا لن يغتالَه الغبارُ ،
بيني وبينك وطنٌ ممزّقٌ وباقاتُ قصائد وأشعار، لاتحزني فخيوطُ الكفنِ مدَّتْ من شراييني ربَّما تغرِّبَنا الأقدارُ، وأنتِ هناك تَنئِي عنّي وأنا هنا لا أفهمني، ولكنّني تجرّدْتُ من بذَّتي المموّهةِ و اغتلْتُ ألمَ القصيدةِ بأخرِ رصاصةٍ في بندقيَّتي المعطّلةِ، وتهتُ في وطني، وبتِّ أنتِ وطني المشرّدِ بأوصالي علّكِ تجيدينني أكثرَ منّي ..
شهد: – طلاسمُ الحبّ آياتُ عبادة، سقطتْ في موسمِ الرّحيلِ، ترسمُ في الأفقِ ولادة، فتعال إليَّ شكّلني، فإنّي مريضةُ عشقٍ، مرّةً أنجو من سحرك ومرّةً أطلبُ في المحطاتِ الشّهادةِ .
همام: – دعيني هنا أقتفي الصّورَ المشوّهةَ، أركضُ خلفَ ظلالنا المقيمةُ في المكان، أقطفُ شذى عطرك الّذي سطى على ياسمينَ قصائدي، أحاربُ السّاعاتِ المريضةَ لأنقذَ سنبلةً وحيدةً لم تعتنقْ تاريخاً مزوراً، ولم يصيبْها المنفى بسقمٍ .