نصوص ورؤى: «تون الحدث» وتدرج افعاله لإنتاج الدلالة في نص عبد الحكم العلامي

عمارة إبراهيم | شاعر و ناقد مصري

ما أعجبني هنا في النص “كلام آخر في الحرب” للشاعر د. عبد الحكم العلامي: السرد الشعري الذي استخرج حليته من تقنية “الفلاش باك” ومن تدرج نتائج الحدث واقتناصه ليكون مفتتح النص، لتتحول التفاصيل بتون إيقاعي في طبقات متوازية ومتوازنة مع حركية الفعل في إنتاج دواله من واقع انفعالات وتعايش الشاعر وإحساسه الشديد بتخيله أنه لو كان هو الذي يدير مشهد الحرب علي هذا الكوكب لكان عليه أن يدعو القاصي والداني لمتابعة الموقف _ وهنا يرمي بإسقاط جمالي مغاير _ أن الشعوب مثلما هي الضحية فهي أيضا المغيبة.

ويرمي الشاعر بإسقاط مراوغ ليحيل الأمر إلي التماثيل التي يدعوننا لأن نقدم لها القرابين ونغمرها بآيات التضرع والثناء.

الشاعر هنا يستخدم خبراته في إنتاج شعرية “تون الحدث” بمعنى تدرج حركية الأفعال لإنتاج دلالات الفعل عبر تون الصوت المقابل لديناميكية السرد الشعري بأدوات منتقاة لتستكمل بنية الشعرية في طراز واقعية الاسقاطات التأريخية عبر ازمنة الحروب وكوارثها علي شعوب الأرض.
ثم يفصل الشاعر ببساطة اللغة وتقريرية الأحداث التأريخية التي لا تقبل الخضوع إلي خيال شعرية تتوازي مع تقليدية الظرف وأحواله وتبعد الأحوال هنا عن مسارها الجمالي الذي يؤمن به الشاعر ليقدم لنا نصا يرعب العالم كله من مستقبل لن يكون لنا فيه القدرة علي شيء ولا حتي أن نقيم الجنائز ولا أن نتلقى العزاء

°°°
النص للشاعر د. عبد الحكم العلامي
[كلام آخر في الحرب]

لايمكن أن يكون الأمر
كذلك
وإذا كان الأمر كذلك
فلا بد من أخذ التحذيرات
على محمل الجد !!
………….
تعرف لو أني
كنت مكانك
في هذا المشهد
لدعوت القاصي
والداني
في هذا الكوكب
لمتابعة الموقف !
ولكنت حرصت أشد الحرص
على تأكيد التحذيرات !
فلو كان الأمر يتعلق
بهذه التماثيل
_ على سبيل المثال _
التي يدعوننا لأن
نقدم لها القرابين
ونغمرها بآيات التضرع
والثناء !!
لكان بإمكاننا
معالجة الأمر !
غير أن الأمور تسير
إلى ما هو أبعد
من ذلك بكثير !
إن الأمر يتعلق
هنا
بامتلاك الكثير
من كبريات الدول
لأسلحة الدمار الشامل
فمن الممكن أن يفجر
خلاف ما بين هذه
الدول
إلى ملاحقة النوع الإنساني
على هذا الكوكب
وإنهاء إقامته
عليه !
وما مثل هيروشيما
وناقازاكي
على أذهاننا ببعيد
الأمر جد خطير
إذن
فعلى متخذي قرار
الإبقاء
أو الإفتاء
للنوع الإنساني
على هذا الكوكب
أن يتريثوا قليلا
وأن يتأملوا ذلك
المشهد
لقرار أحمق مثل هذا
قد يتم اتخاذه !!
وعندها لن يتبقى
لنا فيمن نحب
حتى مجرد الذكرى.
ولن يكون بمقدورنا
أن نقيم الجنائز
ولا أن نتلقى
العزاء !!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى