لبيروتَ، للبرقِ، للأقمارِ القتلى

 عبد الناصر صالح | طولكرم – فلسطين

“ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا “

ـ1ـ
أستوحي منك معاني الأيام المخضّرةِ والجدباء
أعتنق صليبكِ، دمك القزحيّ
وأبلغ تحت مناخك مرحلة التكوينِ،
وأجتاز حدود الزمن الهمجيّ.
وأنسى عمري
يا بيروت المسكونة بالبرق هبيني عمري،
وافيني بالثورة والمتراس الرمليّ وصبرا
وافيني بالوحدات وشاتيلا

أرتدّ إليك شراعاً من لحم الأطفال المذبوحينَ
ولا أعطيك كتاب رثاء
ـ أنا لن أعطيك كتاب رثاء ـ
لكنّي أتكّون في عينيك الساهرتين
بحيرة عشقٍ تغلي.
أرقد تحت مناخكِ
مشتملاً بنبوءات الوطن الهادر كالبحرِ
وأحفظ تاريخ الأشجارِ،
وتاريخ الوديانِ
وتاريخ الشهداء.
أتخلّص تحت مناخك من دنياي العاقرةِ
البكماء.
واسترجع في سنوات الصمت كلامي
وأحبّكِ،
أسترجع لغتي، وأحبّكِ،
وجذوري، وأحبّكِ
أستذكر أمجاد العرب القدماء.

ـ2ـ
مشدوداً باليقظة والحزن المتألّقِ
أحزم أمتعتي،
أتعثّر بالليل المتكدّس فوقك يا بيروت
أتعثّر بحبال الشنق، صكوك الغفرانِ
وأنزع عن لحمك ثوب الإرث،
أنزع عن لحمي ثوب الإرثِ
أحبّك في زمن الخوف / القهر / التبعيّهْ.
في زمن الأحكام العرفيّهْ
وتفشّي الأعداء.

ـ3ـ
يا بيروت المسكونة بالبرق الثوريّ
خذيني،
أتفجّر قدّامك قنبلة عصافيرٍ خضراء
خذيني،
وخذي مني نسغ الميلاد الغابرِ
نسغ الميلاد الآتي
واقتحمي يا بيروت حواجزهم،
ومنابرهم
وقلوبهمُ السوداء.

ـ4ـ
لو أملك مركبةً توصلني لنهاية هذا الحلم
وتعلّل أهدابي بحكايا الماء.
لو أملك قنديلاً أخضر في ليل الغرباء
لو أملك؛ في حضن الرؤيا المنثورةِ
عيناً نجلاء.
لرأيتُ سقوط السحب التائهة
وحشرجة الأضواء.

ـ5ـ
ها صوتي يتلعثم بغبار التكوينِ،
وتحت مناخك أسترق هوايَ
أعانق قلبي.

أستوحي منك معاني الوطن الدمويّ
وذاكرة الأقمار القتلى،
أخرج من رحم الحزن المثقل طِفلاً
للوجع الإنسانيّ،
يبشّر بالأرض، وبالفتح الزاحفِ
عرّافاً للعشقِ وجوع الفقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى