ما ظنُّكم برجل بلا امرأة؟!

خالد رمضان | تربويّ مصريّ

المرأة يا سادة.. ذلك المخلوقُ الضعيفُ القوي، ضعيفٌ في بنيتِه، قويٌّ في همتِه؛ كرّمها ربُّها جلّ وعلا، وكرّم من أكرمها، حيث قال رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم ” ما أكرمهن إلا كريمٌ، وما أهانهن إلا لئيمٌ “، وقد جعلها الله تعالى للرجل ظلاًّ ظليلاً، وحصنًا رصينًا، فكانت عبق السّحر الذي يتنفّسُه، وزهرَ الرُّبا الذي يأنسُه، تُقيلُ عثرَتَه، وتُقيمُ عوجَتَه.

ولنا في أمُّنا خديجةَ رضي الله عنها إحدى سيداتِ نساءِ العالمين المُثُلُ العليا، تلك التي قال عنها سيّدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم “رُزِقتُ حُبّها” فأحبّها حُبًّا خالط سُويداءَ قلبه، وذلك حين قال للسيدة عائشةَ رضي الله عنها حين قالت له: خديجة خديجة كأنه لم يكن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجة؟! فقال: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد “. وكان من شدّةِ وفائه لها أنّه إذا ذبح الشاةَ يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة. وفي سياق هذا الكلام تحكي أمُّنا عائشة تقول: دخلت علينا امرأةُ عجوز فهشّ لها النبي صلى الله عليه وسلم وبشّ، وقام لها وأكرمها.  قلت حين انصرفت: يا رسول الله تُقبِلُ على هذه العجوزِ هذا الإقبال؟! فقال: إنها كانت تأتينا زمن خديجة. ماذا فعلت تلك المرأةُ لتنال هذه المكانةَ في قلب زوجها؟! فهذه امرأة قلَبَ لها الدهرُ ظهرَ المِجن، وكشّر عن أنيابه ودون تأنٍ، فوقفت له تلك الأيّمُ وقفةَ الجبلِ الأشم، فلم تزلٰزلٰها المحن، ولم تعصفْ بها أعاصيرُ الفتن، عصيّةٌ أبيّة، لا ينالُ منها الطامعون، ولا يصلُ إليها الخائنون.

إنها المرأةُ مصنعُ الرجال، ومنبتُ الآمال، رجلٌ بلا امرأة كريشةٍ تتهادى بها الريحُ حيثُ شاءت، وتعصفُ بها حيثُ مالت. وما أمُّ (الإمام الشافعي) إلا امرأة سخّرت حياتَها لأجلِ ولدها، حتى أنها كانت تذهبُ لبيتِ الوالي وتجمعُ قُصاصاتِ الورقِ لتأتيَ بها إلى ولدِها لأنّها لا تملكُ ثمنَها، فأخرجت لنا بحرًا غمرَ الدنيا بعلمِه، فقال عنه الإمامُ أحمدُ بن حنبل:  كان الشافعيُ كالشمس للدنيا، وكالعافيةِ للناس.

ثم يخرجُ علينا الناعقون المجلجلون أصحابُ العقولِ الخاويةِ، والنفوسِ الواهيةِ فيقولون: إن المرأةَ المسلمةَ مظلومةٌ مقهورةٌ ولابد من تحريرِها. ما هراؤهم هذا إلا خبثٌ دفينٌ، وحقدٌ ركين، وما تُخفي صدورُهم أكبر. إنّهم يريدونها سلعةً رخيصةً، ومتعةً فانيةً سرعان ما تنتهي فتذهبُ قيمتها وقامتُها.

وفي الأخير أقول: نساؤنا جواهرُ مكنونةٌ، وكنوزٌ مدفونةٌ في قلوبنا، نحبهن ونحفظهن ونصونهن ونحميهن من براثنِ الفتن، ومخالب كل معتدٍ عفن، فنكونُ من الكرماء وصدق فينا قول رسولُنا الكريم صلى الله عليه وسلم “ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم”.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. جزاك الله خيرا استاذ / خالد
    مقال جميل يحمل في طياته قوة العبارة وبلاغة المعنى وسهولة الاسلوب وعبقرية الموضوع فما أحوج نساء المسلمين وخاصة في ظل التغريب الذي ينشر ظلامه وفكره الخبيث على كل مكان يمكن أن يصل من خلاله إلى عقول الشباب أو الفتيات فما احوجهم إلى من يذكرهم بقدوتهم ولا سيما أمهات المؤمنين ليكونوا لهم قدوة يقتفوا أثرهم وينهجوا منهجهم .
    يا درةً حُفظت بالأمس غالية •• واليوم يبغونها للّهو واللعبِ
    يا حُرة قد أرادوا جَعلها أَََمَة •• غربية العقل، لكن اسمها عربي
    هل يستوي من رسول الله قائدُه •• دوماً، وآخر هاديه أبو لهب؟!
    وأين من كانت الزهراء أُسْوتُها ••ممن تقفَّت خطى حمالة الحطب؟!
    سلمت يمناك ايها المتألق . دمت بكل الخير .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى