فِي انتظارِ الانتظارِ

معين شلبية | فلسطين

فِي انتظارِ الانتظارِ
وعلى رصيفِ الذِّكرياتِ
هَيَّاتُ نَفْسِي للمساءِ فَلَمْ تَجِئْ
سَهمانِ فِيْ مَرْمَى انتظاري؛
سَفَرٌ خُرافِيٌّ على الأَبوابِ
يَمسحُ مَا استطاعَ مِنَ الدُّموعِ الهامياتِ
وزَهرةٌ غجريَّةٌ ظَلَّتْ طَوَالَ اللَّيلِ
تَنْدُبُ حَظَّهَا المكسورَ
شَطْرَ مَشارفِ التَّجْوَالِ أَنهكَهَا الأَنين.
مُحَدِّقَاً فِي اللَّيلِ أَرْقُبُ
ما تُخَلِّفُهُ الهواجسُ والغُيوم
كَاْبَدْتُ ما يَسْتَذْكِرُ الصُّوفيُّ
مِنْ أَلَمٍ أَلَمَّ بعاشقِ النِّيرانِ
علَّني أَحيا رسالتَها الخفيَّةَ مثلما أَهوَى؛
مَرَّ المـَجازُ ولمْ أَعِ صِوَرَ الحَنينِ
على مداخلِ قلبِيَ المعطوبِ
ما بينَ هَدْيٍ فِيْ السَّرابِ
وَوَهْمٍ فِي الحقيقةِ واليقين
قَدْ يُوْلَدُ المبنى مُصادَفةً
فلا أَحَدٌ سِوايَ يَرَى ما لا يُرَى
أَو ما يَرَاهُ الكاشِفُ السِّتْرِيُّ
لكنَّ بَوْحَ الياسمينِ
أَطَلَّ مِنْ عَلياءِ سُرَّتِهِ وأَنشدَ:
لا أَحَدٌ هُنالِكَ فِي انتظارِكَ
قلتُ انتظرْ؛
لا بَوْحَ إِلاَّ العارفُ الفِطْرِيُّ فيكَ
حدَّقتُ فِيْ رُوْحِي لأُدْرِكَ كُنْهَ مَرْثَاتِي الدَّفينَة
فاشتقتُ للتَّفسيرِ للتَّأْويلِ للتَّعديلِ للتَّعليلِ
فِي انتظارِ إِشارةٍ مِنها لَعَلَّ، ونافذةٍ تُناجينا وتَحمينا
فِيْ ترتيبِ ما تركَ المدى فينا
مِنَ اختلاِط الشَّكلِ بالمـعنى
يَشرئِبُ كموعدٍ سِرِّيٍّ على جَسَدِ القصيدَة
يُشْعِلُ شُعْلَةَ الإِيقاعِ فِي الإِنشادِ
يَشُبُّ كَشَدْوِ عُصفورٍ تَخَفَّى على فَنَنِ السُّنُونِ.
واغرورقتْ عينايَ بِالوَجْدِ الشَّجُونِ
هِيَ زفرةُ الجَسَدِيِّ فِي الرُّوحيِّ
شَغَفٌ طفيفٌ يُوْقِدُ المـَنْسِيَّ فِيَّ
غَدَرَتْ بِهِ الأَيَّامُ والأَحْلامُ
كَمَا غَدَرَتْ بِعاشقِهَا امْرَأَةٌ حَرُوْن.
رذاذٌ خفيفُ الظِّلِّ أَخضرُ
مِثْلُ عينيهَا يُوَجِّعُنِي
والدَّمْعُ يوجِعُنِي على جَفْنِ الخطيئَةِ
آهِ يا كِيُوْبِيْدُ
أَخَذَتْكَ صَوْبَ غِوايَةٍ ودِرايَةٍ
إِلى غاباتِ شَهْوَتِكَ الشَّريدَةِ
فَقَدْ أَتَعَلَّمُ الإِشراقَ فِيْ جَسَدٍ أَثارَ العَزْلَ فِي الأَشواقِ
فاتحةَ القرنفلِ فِيْ تَعاليلِ النُّفوسِ
فَنامِيْ يا إِلَهَتِيَ الأَثِيْرَةَ أَيَا ڤَيْنُوْسُ
نامِيْ فيْ سَريرِ الماءِ نامِيْ
إِنَّ الماءَ فَيْضُ العِشْقِ يَنْضُبُ
حِينَ يَجِفُّ الماءُ فِي القَلْبِ العَجُوْل
فقدْ أَتذكَّرُ الرَّغباتِ خاتمةَ العبارةِ
فِيْ جسدٍ أَضاءَ الرُّوْحَ والرُّؤْيا
أَيُّها الجَسَدُ المُعَتَّقُ بالفُصُول.
ظَمِئٌ أَنا وا نِبْتُوْنُ، ظَمِئٌ أَنا
سأَتْرُكُ مَعبداً للحُبِّ فِيْ حاناتِ جُوْبِتِيْرَ
وحينَ يَعْوِي الذِّئْبُ فِيَّ مَرَّةً أُخْرَى
سأَكونُ فوقَ حِصانِيَ العَربيِّ أَهْذِي
فاصْمُدْ يا خَيالِي الآنَ.. اصْمُدْ
الآنَ تَكْتَشِفُ الحقيقَة، الآنَ تَكْتَشِفُ الحقيقَة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى