الخانعون
مختار إسماعيل بكير | مصر
“قل للمليحة في الخمار الأسودِ”
يئس المسافرُ من بلوغ الموعدِ
|||
قد كان يحلم أن يلاقي أرضَه
فيضمها من غير أيِّ تردد
|||
ويُعيدُ أيامَ الطفولةِ فوقَها
يجري بلا قيدٍ ، بغير تعَمُّد
|||
يئس المحاربُ أنْ يُحرر نفسه
أو أن يُقاومَ في الهواءِ المُفسِد
|||
ولأن أقصانا يئِنُّ ويشتكي
فلقد نسيتُ الآن وِجْهَةَ مَقْصِدي
|||
فلقد تركنا للغزاة دُرُوعَنا
وسيوُفُنَا ماتت بغيرِ تَشَهُّد
|||
صُلِبَتْ على أعتابنا كلُّ المُنى
ورقابنا تحت الحذاء المعتدي
يسري التفرُّقُ في العراق، وخاننا
شيخٌ أتانا في ثيابِ مُوَحِّد
|||
أوغادهم سَجَنوا صهيل خيولهم
باعوا العراق فلم يقم من مرقد
|||
تركوا على الشام الحبيب كلابَهم
وعويل أطفالٍ بقلبٍ مُجهد
|||
وعلى رُبَا صنعاءَ شرٌّ يرتدي
نظارةً ما أبصرت كي نهتدي
|||
فقرٌ وجوعٌ فوق صوتِ قنابلٍ
وجيوشُ سُلٍّ عُلِّقَت بتَفرُّد
|||
لبنانُ أيتها الجميلة فاغفري
ما كان من عجزٍ يُرى وتشرد
|||
بيروت يا نبت الجمال وأرضه
قومي بلا عُربٍ هناك لتسعدي
|||
وعلى الخليج بيارقٌ وجحافلٌ
تحتل من خير البلاد المُوْقَد
|||
وعلى ضفاف النيل ترقد هِمِّةٌ
لبست من الهم الثقيل الأسود
|||
وبها الزهور الذاويات حزينةٌ
والطير ليس بطائرٍ ومُغرِّد
|||
وعلى ثرى السودان تنبُتُ فتنةٌ
“فَرِّقْ تَسُدْ ” تأتي بصوتٍ مُلْحِد
|||
نختال في النعرات حتى أننا
نصْبُو إليها في ثياب تودُّد
|||
تعلو على أقمارنا نجماتُهم
ونروح ننعتُ عبدَهم بالسيِّد!
|||
راياتهم عجباً تُحلِّق فوقنا
والسيف أدمن نومَه في المغْمَد
|||
وأنا وأنت وكلُّ أطيافٍ هوت
مستمسكون بواهنٍ مُتبلِّد
|||
متفرقون ، مشتتون وليتنا
عدنا إلى مجدٍ قديمٍ أسعد
|||
ومُغيَّبون عن الحقيقة مثلما
غاب المًصَلِّي عن بلوغ المسجد
|||
ضاعت معالمنا وضاع بريقُنا
وتواصل الضعف المُهَيْمِنُ في غدي
|||
الآن مُدَّتْ للعدو جسورُنا
باسمِ السلامِ الزائفِ المُتَقيِّد
|||
ندعوهمُ أهلَ السلام وإنهم
للرافضون لأي أيِّ تَعهُّد
|||
الناقمون على الخليقة كلِّها
والكارهون لكلِ دين محمد
|||
الشاربون دمَ الطفولة عُنوةً
القاتلون الحُلم خلف تهوّد
|||
فاقطع ذراعك لو يُمَدُّ مصافحاً
واخلع فؤادك لو يَرِقُّ لمعتدي
|||
وانظر إلى الأقصى الجريحِ وحالِه
واكتب عن الذل المُهيِن وعدّد
|||
فارفع يدَ التطبيع قبل فواتها
وارسم بهاء الرفض أجملَ عسجد
|||
يا أيها النجم المحلِّق عالياً
إني أضعتُكَ حين بانَ تردّدي
|||
إن اليهودَ همُ اليهودُ ولن ترى
إلا خيانَتَهم تفي بالمقصد
|||
نبني لهم دُوراً مكان ديارِنا
وتصيرُ حُرْمتُها كحُرمَةِ مسجدي
|||
ومراقصٌ تُبنى على أوطاننا
وتقودنا من فوقِ فوقِ المعبد
|||
وعدوُّنا لا شيء يبلغ فُجْرَهُ
وشيوخنا زيفٌ يُطِلُّ ويبتدي
|||
بكَ نقتدي والخمر منكَ جلِيِّةٌ
يا شيخُ قد ضلَّ الهدى والمُهتدي
|||
يا شيخُ في كبدِ السماء تفتقت
كلُّ الجراح من الفؤاد الأمجد
|||
يا شيخُ سُحْقاً ثم سحقاً للذي
سكب الخمور على رؤوس السُّجَد
|||
سحقاً لمن باع القضية واشترى
عُهراً وشيطاناً وذلاً سرمدي
|||
سحقاًً لمن هانت عليه عروبتي
وسعى إلى الخنزير يُمسِك في اليد
|||
سحقاً لكل قصائدي ما غَيَّرت
وجه الزمان الأعْمشَِ المُتمرد
|||
سحقاً لمن ترك الدموع لقيطةً
تجري بغير أبٍ هناك وموعد
|||
سحقاً لأنياب الكلاب فإنها
نهشتْ عظام الحالمين بسؤدد
|||
سحقاً لمن منع الضياء وقادنا
نحو الظلام الداهم المُتَلَبِّد
|||
يا أيها العُرْبُ استفيقوا وانهضوا
فالغربُ أشهرَ سيفَه بتَوَعُد
|||
يا أمةً يوماً أضاعت عِزَّها
عودي إلى المجد العتيق ، توحدي
|||
واللهُ ناصِرُنا فهُبِّي وانهضي
واذا أردت المجد يوماً …وَحِّدي