تقليص الصراع… سلعة وسلة الوهم

د. أحمد رفيق عوض | فلسطين

اللوحة للفنان المصري محمد رضوان

تقليص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكما يطرحه العبقري الإسرائيلي الذي يظهر عادة كل خمسة أعوام أو عشرة، يعني باختصار تجميل الاحتلال والتعايش معه تحت وهم أنه أفضل ما يمكن طرحه أو أقصى ما يمكن للفلسطينيين أن يحصلوا عليه نظرا للتعقيد الحاصل في الظروف.

هذه ديباجة معروفة ومكرورة في كل مرة يخرج علينا هذا العبقري الذي تعودنا عليه طبعاً، فهو في السبعين من العمر، يتميز بعقلية استشراقية واستعمارية عريقة، ويدعي الفهم العميق بحكم الشعوب أو تفكيكها أو تجميعها أو خلقها.

الفكرة العبقرية الأخيرة هي ما يسمى بتقليص الصراع الذي يمكن تلخيصه بإعطاء الفلسطيني وهما بالحرية، ووهما بالسيادة، ووهما بتحقيق الدولة، وكيف يمكن تحقيق هذا الوهم؟! والجواب الخارق والحارق هو أن يقل ظهور أو التقاء الفلسطيني بالجندي الإسرائيلي، وتوسيع الشوارع وتغيير أشكالها وأنواعها وتغيير نمط العمل على الحواجز أو المعابر، والأهم من كل ذلك، أن يتوهم الفلسطيني أن لديه دولة، صحيح إنها هلامية بدون حدود وبدون تعريف، ولكنها تملك علماً ونشيداً ومؤسسات دولة بشكل ما، يعني أن تقليص الصراع – كما يُطرح – ليس مجرد حوافز اقتصادية ولكنه أيضا أفق سياسي محدد.

هذا يعني أن فكرة تقليص الصراع – كما طرحها العبقري إياه – تقوم على الوهم والإيهام، وهم قيام دولة فلسطينية، ووهم أنه هناك سلام تم صنعه، ووهم أن الاحتلال لم يعد موجوداً، ووهم أن هناك صياغة سياسية مبدعة أرضت جميع الأطراف.

والمطلوب منا نحن الشعب الفلسطيني كما قيادته أن نقبل هذا الوهم، وأن نتعايش معه بحجة أن الظرف معقد وأن الإقليم غير جاهز، وأن المجتمع الدولي منافق، وأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تعطي أكثر من ذلك، إلى آخر هذه المعزوفة التي نسمعها منذ عام 1948 وحتى هذه اللحظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى