أسامة حلبي.. شاعر ومحامٍ شعاع في عتمة محاكم العدو
محمد زحايكة | القدس فلسطين
منذ سنوات طويلة والصاحب يصادف المحامي والخبير القانوني والباحث الاكاديمي الجاد أسامة رفيق حلبي يذرع شوارع القدس وخاصة شارع الزهراء حيث يتواجد مكتبه الذي قلما زاره الصاحب.. وغالبا ما كان حلبي يتأبط حقييته الحبلى بالملفات الدسمة، إذ عرف عنه دفاعه عن حقوق المقدسيين خصوصا والفلسطينيين عامة ضد القوانين الاحتلالية الجائرة والمتوالدة كالارانب بهدف التضييق عليهم وارغامهم على الهجرة من وطن الاباء والاجداد . وكان الصاحب يعجب من اصرار حلبي على خوض معاركه القانونية الطاحنة بقلب من حديد رغم ادراكه انه يحارب ربما طواحين الهواء ولكنه لا يياس ولا يكل ولا يمل ،. بل يلقاه الصاحب عائدا من هذه المعارك غاذا الخطى بقامته الفارعة وابتسامته الواثقة وصوته حاد النبرات وهو يشرح للصاحب على عجالة بعض النقاط قبل ان يدلف الى مكتبه للاستعداد والتحضير للمعركة القادمة ..
ومن خلال ما اطلع عليه الصاحب من منشورات ومطبوعات وابحاث لهذا المحامي والقانوني البارع، نلمس مدى الاهتمام والجدية والصرامة التي ينتهجها في كتبه وأبحاثة بغية الوقوف على الحقائق المجردة والمرامي التي تبغي سلطات الاحتلال الوصول إليها من خلال رزم قوانينها الظالمة والعنصرية لنفي أو تركيع شعب كامل تحت الاحتلال واستلاب كل مقومات حياته وشطب كل تطلعاته ومحو تراثه وهوياته القومية والوطنية والسياسية .
المحامي اسامة حلبي يمثل تيارا من المحامين الفلسطينيين الذين فهموا حتى النخاع ابعاد المخطط الصهيوني فتصدوا له ليس بالخطابات والصراخ والشعارات الموتورة بل بلغة العارف باحابيل وخداع هذه القوانين العنصرية المستندة على اساطير واوهام الصهيونية في بلاد اللبن والعسل وارض الميعاد وارض بلا شعب لشعب بلا وطن.. من هذه الترهات التي لا تنتهي. ولذلك كله جرد حلبي قلمه وامتشق يراعه منافحا عن حقوق شعبه في عديد ابحاثه ودراساته لكشف ابعاد المخططات الاسرائيلية التهويدية وتفنيد حججها الخبيثة لتبدو شوهاء عوراء على حقيقتها السوداء .
واندهش الصاحب عندما اكتشف مؤخرا بعدا ثقافيا ابداعيا للمحامي المثاير اسامة حلبي تمثل بادارة حوار مع الموسيقار اللامع خالد جبران نظم في المكتبة العلمية بشارع صلاح الدين بالقدس قبل جائحة الكورونا بوقت ما ، ثم مجموعاته الشعرية الخروج من الصمت وتاق الجواد الراحة وهذه الاخيرة اهداها للصاحب فوجدها طافحة بالصور الشعرية الجميلة والعاطفة الصادقة ومتدفقة بموج من الكلمات والتعابير الرقيقة ولواعج المحب النبيلة للوطن والشعب والمحبوب..
وفي المجموعة الشعرية يضمن الشاعر بعض رؤاه في الكون والحب والحياة ، فنكتشف ميوله اليعربية وتحيزه للمظلومين والمقموعين من الشعوب ويظهر انشداده الحي الى شعراء المقاومة من شعراء فلسطين الكبار من امثال الشاعر سميح القاسم ابن الرامة التي تجاور دالية الكرمل مسقط راس حلبي ، على سفح الجليل الاعلى ومحمود درويش وغيرهم . ورغم ان حلبي وصف مجموعته تاق الجواد الراحة بنصوص تحاكي الشعر او تكاد الا انها تشتعل ببراكين من اللهب والعواطف المشبوبة وهي تمنح قارئها متعة ولذة الانهماك والانسجام في هذه النصوص الماتعة .
اسامة حلبي كما عرفه الصاحب بصورة مجزوءة وسريعة قد لا تعطيه حقه ، يجسد ضمير الشعب الفلسطيني الحي والحر في التمسك بالحق المسلوب حتى النهاية والدفاع المستميت عن كل ذرة حق رغم اختلال الموازين وغلبة الظالمين . اسامة حلبي هو شعاع من نور في عتمة محاكم العدو وقبس من اشعار وترانيم الحياة والانتصار على الموت .
لنقف احتراما لهذه القامة الكرملية المقدسية .