القدس بؤرة دائمة وملتهبة للصراع
نهاد أبو غوش | فلسطين
الصراع والمواجهات في القدس لم تتوقف يوما واحدا، لسبب بسيط وهو وجود خطة إسرائيلية شاملة لتهويد القدس، وتغيير طابعها العربي الفلسطيني، الإسلامي -المسيحي التعددي، إلى مدينة إسرائيلية يهودية، تتعاون على تنفيذ هذه الخطة مختلف الأطراف الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية مثل الحكومة ووزاراتها وأجهزتها ومؤسساتها الإدارية والأمنية، مع البلدية وجمعيات المستوطنين، والجماعات الدينية الحزبية المتطرفة.
لذلك كل طرف من هذه الأطراف ينفذ برنامجه الخاص، او الشق الخاص به من مخطط تهويد القدس، من الأمثلة على ذلك الاعتقالات المستمرة والاستدعاءات والتهديدات، ومحاربة أي مظهر من مظاهر الوجود الرسمي الفلسطيني وهذا الشق تنفذه الشرطة والأجهزة الأمنية. بينما البلدية وأدواتها تطارد البنايات والمنشآت التي تدعي أنها بنيت من دون ترخيص، فتصدر اوامر الهدم أو الغرامات بحق اصحابها، وزارة المالية وأجهزة الضرائب تقوم بأعمال تنكيل مستمرة ضد التجار. حتى وزارة التعليم تعمل على أسرلة المناهج ومحاولة فرض منهاج تعليمي يزوّر الحقائق التاريخية بشان القدس وفلسطين لصالح الرؤية الصهيونية. كما تعمل على محاربة المدارس التي ترفض تدريس هذه المناهج وحرمانها من المخصصات والموازنات الحكومية. الحلقة الأخطر هي ما تقوم به الجمعيات الاستيطانية في استخدام كل أشكال التزوير والتدليس لتسريب العقارات الفلسطينية، والجهاز القضائي الإسرائيلي يساعد هذه الجمعيات من خلال الانحياز المطلق لها وعبر تمكين حكومة الاحتلال من تخصيص أراضي حكومية لها لتوسيع المستوطنات. في المقابل يرفض هذا الجهاز الاعتراف بملكية الفلسطينيين لأكثر من 80 % من أراضي الشطر الغربي لمدينة القدس وهي مملوكة لفلسطينيين يقيمون في الشطر الشرقي او في محيط المدينة. كما يتعسف هذا الجهاز في تطبيق القانون العنصري المعروف بقانون “أملاك الغائبين” فوجود اي واحد من الورثة خارج مدينة القدس لأي سبب من الأسباب (وغالبا ما تكون متصلة بالإجراءات الإسرائيلية) يعطي الدوائر الإسرائيلية ذريعة وحجة لمشاركة الورثة في إرثهم والتحكم في استخدامات العقار.
هذا المخطط الإسرائيلي الذي يجري على قدم وساق يصطدم مع المصالح الحياتية المباشرة لكل فلسطيني مقدسي، ولذلك يهب الناس دفاعا عن وجودهم وعن حقوقهم الحياتية.
هناك جانب آخر يتصل بالاستفزازات اليومية والانتهاكات المتكررة لحرمة الأماكن المقدسة وخاصة المسجد الأقصى. وللتذكير كان المسجد الأقصى هو المكان الذي انطلقت منه شرارات العديد من الانتفاضات والمواجهات العنيفة على امتداد العقود الماضية كما حصل حين قام أرييل شارون بزيارته الاستفزازية عام 2000 فتفجرت الانتفاضة الثانية، نظرا لما يحمله “الحرم القدسي الشريف” من دلالات روحية ورمزية ووطنية، ولأنه كان وما يزال في قلب دائرة الاستهداف حيث لا تخفي الدوائر الإسرائيلية نياتها لاقتطاع جزء من مساحة المسجد الأقصى وبناء كنيس يهودي في المكان وتنفيذ ما يسمى التقسيم الزماني والمكاني على غرار ما جرى في الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل منذ العام 1993 وحتى الآن.
كما دأب الفلسطينيون في القدس وفي سائر المدن الفلسطينية الرئيسية على إحياء المناسبات الدينية ومنها أيام رمضان كما جرى في شهر أيار /مايو الماضي، وذكرى المولد النبوي الشريف خلال اليومين الماضيين، من خلال فعاليات ومظاهر احتفالية فلكلورية واستعراضية تشارك بها الفرق والكشافة وآلاف المواطنين (وهذا لا يقتصر على مدينة القدس بل يجري ايضا في نابلس والخليل وغزة) وهذه الاحتفالات عادة ما ينشا على اثرها احتكاكات وصدامات سواء مع المستوطنين او مع اجهزة الشرطة افسرائيلية ومن ضمنها فرق المستعربين التي تتخفى بزي مدني وتحاول الاندساس بين المحتفلين.