قراءة فنية في رواية «الراعي وفاكهة النساء» للفلسطينية ميسون أسدي

هدى عثمان أبو غوش


صدرت رواية “الرّاعي وفاكهة النساء” للكاتبة الفلسطينية ميسون أسدي، عن دار الرعاة للدراسات والأبحاث، وتقع الرّواية في 219 صفحة من الحجم المتوسط. مع غلاف ملوّن ورسومات للفنان عبد عابدي.
رواية اجتماعية بين الواقع والخيال، بين خيوط التوبة، وبين الذنوب والشهوات تنسجها الكاتبة ميسون أسدي من خلال بطل الرّواية زير النساءالراعي هزّاع عنيدات، هذا الراعي العربي الذي يعيش في قريته البدوية والّذي يتنقل ما بين القرية والمدينة (تل أيب) مدينة التحرر من القيود الاجتماعية التي تحكم المجتمع العربي فيما يتعلق بالعلاقات الحرة بين الذكر والأنثى وممارسة الجنس بشكل حر.

يعود زير النساء إلى الحياة بعد حادث سير،يمنحه ملاك الموت (24ساعة) للتكفير عن خطاياه،وممّا يذكر فإن الأدب العالمي تطرق لتلك الشخصية المسماة “دون جوان” وتذكرني هذه الرواية بمسرحية مولير “دون جوان”المحتال الذي يغوي النساء، ومن خلالها ينتقد فساد المجتمع وهنا أيضا تحاول الكاتبة أسدي من خلال الحوار الّذي يدور بين المحامية ابتهال وهزّاع التي تصغي له من أجل مساعدته في إيصال رسالة المغفرة والمسامحة لكلّ من أساء لهم من النّساء، أن تنتقد سلوكيات المجتمع وأن تبرز أهمية الاستمتاع الجنسي عند الذكر والأنثى على حدّ سواء، فتثير قضية العلاقات الباردة في مؤسسة الزواج، وأثرها السلبي على الفرد والخيانات الزوجية التي تنجم عن ذلك.
تقول إحدى الشخصيات التي رضغت لهزّاع”أشعر بأنني امرأة بين يديك أحسن معك بانخفاض التوتر والارتياح، اعتقدت لسنوات طوال بأنني امرأة باردة عاطفيا وجسديا”.
إنّ علاقة زير النساء بفاكهة النساء لم تكن حبّا أو احتراما ولكنها كانت مجرد علاقة تفريغ جنسي لحالة مرضية بحاجة إلى شفاء، يقول هزّاع: “أنظر لجميع النساء على أنهنّ علاقات سرية سريرية متفاوتة العمق”. وذلك يعود إلى تأثير طفولة هزّاع وممارسته الجنس مع الحيوانات وحسنة عند الكبر، كما وإنّ في تصوير نشوة زير النّساء ونجاحه في إغواء النساء والإيقاع بهن جميعا، إشارة إلى نظرة البعض إلى المرأة فقط كجنس ،وهنا تكمن ربما رسالة الكاتبة إلى أهمية فهم المرأة كعقل وروح وقلب وليس كائنا جنسيا أو امرأة من ورق، لكنّ الكاتبة أسدي جعلت المرأة مشاركة أيضا في هذا الفكر السلبي، عندما حركتها كدمية بيد الرّجل، فحركتها وفق رغبات وشهوات هزّاع، دون أيّ ممانعة أو تترد للحظة، أو ندم،فهل تتحول المرأة إلى كائن صامت كتمثال حين تتعرض للتحرش الجنسي اللفظي كما حدث مع ساريت على سبيل المثال لا الحصر!.
أرى في تكرار الكاتبة كثيرا لصورة زير النساء الّذي لا يشبع من الجنس مبالغة لأنّ الفكرة وصلت للقارئ بما فيه الكفاية، بالإضافة لخلق حالة من الاشمئزاز لتشويه صورة المرأة التي تنحاز إلى الجنس على حساب أُسرتها أو دينها، وغياب بعض الصور الجميلة للمرأة على الأقل.

فكلّ النساء ضعيفات خائنات وعاهرات في حال إغوائهنّ والمرأة في الرّواية، تثأر لرغباتها المكبوتة من خلال استجابتها لهزّاع.
بعض المشاهد في الرّواية غير مقنعة، مثل استجابة اليهودية المتدينة لممارسات هزاع وتقبيله لها في حديقة عامة!على سبيل المثال.
تطرقت الكاتبة إلى التمييز العنصري الّذي يتعرض له العربي في المجتمع الاسرائيلي وفي تقسيم قومية العربي إلى عدة فئات: عربي بدوي مسيحي درزي الخ.

وإلى الفقر الذي يعاني منه المجتمع البدوي رغم انخراطه بالجيش. كما وتطرقت إلى عدّة مشاكل اجتماعية منها تعدد الزوجات وأثر العلاقات الحميمية بين الأزواج في أسرة لديها ذوي الاحتياجات الخاصة. وقدبرز من خلال الحوار الجاري بين هزّاع والمحامية ابتهاج ثقافة وطقوس الشعب اليهودي خاصة المتدين.
جاء أُسلوب الكاتبة بلغة جميلة مشبع بالخيال الجميل وعنصر التشويق كان لافتا منذ البداية وأصبح فاترا بعض الشيء مع تكرار علاقات هزّاع ثم رجع ليكون مدهشا في مراحل النهاية، وقد وردت أخطاء نحوية في الرّواية كان من الممكن تفاديها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى