حماس والانفتاح على الصين
نهاد أبو غوش | فلسطين
رصدت دوائر إعلامية وسياسية واستخبارية مؤخرا بوادر اتصالات بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجمهورية الصين الشعبية في ظل حملة إسرائيلية وغربية لتجريم هذه الحركة الفلسطينية الإسلامية على اثر تعثر مفاوضات تبادل الأسرى، وووقوع عدد من المواجهات العسكرية والأمنية المتفرقة ابرزها العملية الفدائية التي نفذها الشيخ فادي ابو شخيدم المحسوب على حركة حماس، وكشف الدوائر الأمنية الاسرائيلية عن تفكيك عدة شبكات وتنفيذ اعتقالات في مختلف أنحاء الضفة الغربية شملت اعتقال نحو 50 ناشطا عثر معهم على أسلحة وذخائر، يأتي ذلك بعد شهرين من مواجهات دامية في قرى قريبة من القدس (بدو) وجنين (بروقين) اسفرت عن استشهاد مجموعة من الناشطين المقربين من حماس والجهاد الإسلامي.
لماذا تتطلع حركة حماس لتوطيد علاقتها مع الصين وفتح علاقات مع الدول الكبرى المؤثرة دوليا على غرار روسيا؟ وهل لدى الحركة خطة استراتيجية للاستفادة من الدور الصيني؟ وهل هذه العلاقات التي تقيمها حماس أو اي فصيل آخر تاتي على حساب هذه الدول بقيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.
تواجه حركة حماس حملة إسرائيلية وغربية لشيطنتها وتجريمها ودمغها بصفة الإرهاب، هذه الحملة بدأت منذ عقود ومن المهم التذكير باعتقال الولايات المتحدة لرئيس المكتب السياسي لحماس في التسعينات موسى ابو مرزوق، هذه الحالة تشتد وتتراجع بحسب تطورات الموقف في فلسطين والشرق الاوسط، اسرائيل تملك القدرة على تحريك اصدقائها وحلفائها لإطلاق مثل هذه الحملات ضد حماس واحيانا ضد منظمة التحرير والشعب الفلسطيني بشكل عام. لذلك فإن حماس وبحكم وزنها وثقلها في المجتمع الفلسطيني وتأثيراتها من خلال الجاليات الفلسطينية والعربية والمسلمة باتت قادرة ايضا على اثبات حضورها في الساحة الدولية، ونحن نشهد ذلك من خلال سلسلة مؤتمرات فلسطينيي الخارج في عدة عواصم اوروبية وهي بتنظيم وتخطيط من حماس. ايضا حماس تقيم علاقات منذ وقت طويل مع روسيا ولها ما يشبه المكتب التمثيلي هناك، ولها علاقات معروفة مع عدد من الدول العربية والاسلامية وخاصة محور قطر – تركيا . ثمة أيضا علاقات تجري من تحت الطاولة بين حماس وعدد من العواصم الغربية، واحيانا بواسطة وسطاء، حتى اسرائيل نفسها تقيم علاقات وتفاهمات من هذا النوع كما برز في قضية نقل الأموال القطرية ومفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى. وبالنسبة للتوجه للصين نلحظ حضورا كبيرا ومتناميا للصين في كافة الملفات الدولية والاقليمية بما فيها قضية الشرق الاوسط، وفي الملف السوري القريب، حيث ان لها مكتبا تمثيليا فاعلا في رام الله ولها مندوب رفيع لعملية السلام، الصين تعترف بالدولة الفلسطينية وتطمح للعب دور أكبر في عملية السلام وما زالت تؤكد التزامها بحل الدولتين وتتخذ مواقف منسجمة مع ذلك في الأمم المتحدة ، ولم تتغير هذه المواقف مع أن لها علاقات نامية ومتطورة مع اسرائيل، حيث ان الصين هي الشريك التجاري الثالث لاسرائيل بعد الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ويبلغ حجم التجارة بين البلدين أكثر من 11 مليار دولار سنويا وفقا لآخر بحث نشره معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي ( inss) بتاريخ 2/12/2021
فهل تأتي رغبة حماس بنسج علاقات مع الصين في ظل عجز الولايات المتحدة عن إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية بمفردها وانحيازها الكامل للإسرائيليين؟
الحقيقة أن الولايات المتحدة ليست عاجزة عن ايجاد حل ولكنها ليست راغبة، ولا مضطرة، وليس في نيتها ممارسة اية ضغوط على إسرائيل، تتساوى في ذلك الإدارات الديمقراطية مع الجمهورية مع أن الأولى تبدي لفظيا بعض المرونة ولكنها عمليا لا تفعل اي شيء، ما يجري على أرض الواقع لا يشجع الأميركان على القيام بشيء، فمصالحهم ليست مهددة والفلسطينيون منقسمون على أنفسهم، والعرب مشغولون بمشاكلهم وبعضهم يهرول نحو التطبيع مع إسرائيل في السر والعلن، العالم محكوم بالمصالح وليس المبادىء والأخلاق، وفي هذا العالم تجد الصين أن لديها من القوة والقدرة لتلعب أدوارا مؤثرة في أقاليم عدة: في افريقيا واوروبا وصولا لمنطقتنا، حيث أن لها علاقات تجارية وسياسية جيدة مع الجميع، وتطمح لاستقطاب دول المنطقة لخطتها الطموحة المعروفة ب” الحزام والطريق” للتعاون الإقليمي والدولي وهو مشروع طموح يسعى لإعادة إحياء طريق الحرير بين الصين وأوروبا عبر الشرق الأوسط بطريقة حديثة، ويقوم على إشراك كل الدول التي يمر بها المشروع بما في ذلك إسرائيل والدول العربية.