بيان جريدة عالم الثقافة في مؤتمر اللغة العربية
ثناء حاج صالح – ناصر أبو عون
ثناء حاج صالح مديرة تحرير جريدة عالم الثقافة | سوريا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بادئ ذي بدء يسرنا ويشرفنا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير، إلى رعاة المؤتمر الدولي الأول للغة العربية والعلوم الإسلامية، ممثلين بالأساتذة الكرام: د. عبد المقيت رضوان رئيس المؤتمر، رئيس جمعية المثقفين للدراسات الإسلامية بإندونيسيا، ود. رجب الحسني رئيس جامعة خاتم المرسلين العالمية، ود. أنيس الزير رئيس اللجنة العلمية، د. علي محمود الأصمعي مقرر المؤتمر، وإلى جميع الباحثين والعلماء والحضور المشاركين:
الأساتذدة الأفاضل..
في ظل هذه المرحلة التاريخية الحضارية الخطيرة، التي وصلت إليها البشرية إلى آخر منجزاتها العولمية عبر سيطرة الإعلام بشكله الجديد، عبر وسائل التواصل الاجتماعية، والصحف الإلكترونية التي تستقطب شرائح المجتمعات البشرية، بثقافاتها المختلفة والمتنوعة ، يجدر بنا أن نولي الكثير من الاهتمام للتأثيرالكبير الذي يمارسه هذا الإعلام على الشباب العربي، إيجابيا :من حيث إعادتُه إلى لغته وتوثيق ارتباطه بها، عندما يقوم بأداء مسؤوليته التاريخية والحضارية الصحيحة.
أوسلبيا: من حيث مساهمتُه في فصم عرى الارتباط والانتماء الوجداني والثقافي التي تربطه باللغة العربية الأم، عندما يستسلم لبواعث الإهمال والتجاهل لحمل مسؤوليته التاريخية تلك .
في هذه المرحلة التاريخية وبعد حركات الهجرة واللجوء الحديثة والأخيرة إثر ثورات الربيع العربي ،إلى دول الغرب الناطقة باللغات اللاتنية، لا بد أن ينتابنا القلق والتخوف على مستقبل اللغة العربية الغامض عند الجيل الشاب الذي وجد نفسه مضطرا في دول اللجوء والاندماج معها ثقافيا ولغويا ؟حتى وصل بنا الحال إلى أن نواجه ظواهرغير متوقعة لم تكن في الحسبان تدل على الشروع في الانسلاخ عن اللغة العربية عند الشباب ،مثل ظاهرة هجر التحدث اللغة العربية بين الأقران العرب.
أو ظاهرة الكتابة على الجوالات باستخدام حروف اللغات اللاتينية بديلا للحروف العربية ، في مواقع التواصل الاجتماعي . وهو ما يستدعي دق ناقوس الخطر خشية من هذه الانتكاسة السلوكية في حق أعظم لغة على الأرض (لغة القرآن).
وما لم تنتبه المؤسسات والهيئات الثقافية والتعليمية والإعلامية في الوطن العربي إلى الخطر المحدق في ظل هذه الأزمة الثقافية اللغوية التاريخية. فإننا سنواجه ولا شك ظاهرة ذوبان الشخصية الثقافية العربية الأصيلة بأبعادها الثقافية و الدينية ومستقبلها العلمي والمعرفي .
وليس الخطر في ذوبان الشخصية العربية واضمحلال ملامحها عبر هجر اللغة العربية وتبني اللغات الأجنبية مقتصرا على دول الهجرة واللجوء. وإنما هو قائم أيضا في الدول العربية نفسها التي تتبنى اللغات الأجنبية في سوق العمل ، فضلا عن خطر تهجين اللغة العربية المحكية وإضعافها عبر تأثير لغة العمالة في الدول العربية.
إن الاهتمام بقضايا اللغة العربية والتشديد على ربطها الحيوي مع ثوابتها ومصادرها المعرفية والثقافية والدينية لهي مهمة عظيمة ينبغي أن ينتبه إليها ويتداعى إلى حملها المثقفون العرب والمسلمون من أصحاب المؤسسات الإعلامية، وأن يجعلوها محورالاهتمامهم. في منصاتهم وقنواتهم الإعلامية والتربوية والثقافية.
ونحن في جريدة عالم الثقافة نفخر بأننا جعلنا من أداء هذه المهمة وتحقيقها على أكمل وجه نستطيعه استراتيجة عمل لنا. فقد ارتكزت سياستنا على محور الكتابة الرصينة واللغة السليمة للمبدعين العرب في القارات الست، وساهمنا في الكشف عن مساحات ورؤى إبداعية متناثرة في أصقاع الأرض، وفضلا عن ذلك فإننا في سياستنا التحريرية نضع نصب أعيننا مسائل الارتباط العضوي والمصيري مع قضايا أمتنا العربية؛ لذلك فجريدة عالم الثقافة هي الجريدة المتفردة في دعم القضية الفلسطينية، وستظل منارة للحق والكلمة الجادة والقول الفصل، ولن تحيد قيد أنملة عن الاحتفاء بالإبداع ورفع راية التنوير في سائر الفنون والآداب متخطية عوائق الطوأفة، وصدامات التمذهب، وواقفة في جبهة مضادة الإلحاد، وكل ما يمكن أن يصطدم بثوابتنا العقدية ومبادئنا الأخلاقية ورسالتنا الثقافية.
وستبقى ثابتة في موقفها المقاوم للفساد الفكري والمؤدلج ، داعمة للتراث المعرفي المشرف الذي يثبت حقيقة تفوق اللغة العربية وقدرتها على الريادة الحضارية في كل العصور. مع ممارسة دورها الحضاري المعاصر عن طريق تشجيع الترجمة لكل ما هو قيِّم ورفيع من علوم وآداب سائر اللغات الأخرى، متخذة من الوسطية والموضوعيةمنهجا لها في نشر البحوث العلمية والمقالات الدينية المتزنة رافعة شعار لا إفراط ولا تفريط.
وفي خطتنا للعام الجديد ستركز جريدة عالم الثقافة على البحوث الأكاديمية والكتابة الرصينة وستتعاون مع الجامعات في نشر البحوث لأننا أصبحنا موقنين أن الصحافة الحديثة كانت الباب الذي ولج منه الأدعياء. ولا بد لنا من مراقبة حركة الدخول عبره وضبطها والتحكم بها. وسنستمر في احتفائنا بالنقد الأدبي والفكري كإبداع موازٍ ونِدّيٍ ليكون له الكعب الأعلى واليد الطولى بين سائر الفنون الأدبية والتطبيقات العلمية .
وقد انتبهنا في تصميمنا لأقسام جريدة عالم الثقافة إلى ضرورة احتوائها على الأقسام التي تستوعب أجناس الكتابة الأدبية والفكرية واللغوية كاملة وشاملة. فأنشأنا فضلا عن الأقسام الرئيسة المخصصة لعناوين الفكر والسياسة والدراسات التاريخية والفنون والدين أقساما فرعية تخصصية ، ويندرج (على سبيل المثال) تحت قسم الأدب وحده إثنا عشر عنوانا لأقسام مختلفة تشمل جميع أشكال الإبداع الأدبيو اللغوي: هي الشعر، والنقد الأدبي، والقصة، والرواية، والمسرحية، وفن المقالة الأدبية، وأدب الرحلات، وفن الرسائل الأدبية، وفنون البلاغة، والنحو، والعروض والقافية، وموضوعة الإبيجراما (أو ما يسمى النثر الفني)، والتحقيقات الصحفية، وقراءات الكتب والإصدارات الحديثة . فضلا عن قسم الرياضة والمجلة العلمية التي تعني بالمقالات العلمية من الطب والصحة والتكنولوجيا إلى قناتنا على اليوتيوب ومجموعاتنا وصفحاتنا على التويتر والفيس بوك وغيرها .
فالجريدة تعنى بنشر كل تلك الأشكال الإبداعية تحت شروط سلامة اللغة العربية، ومع مراعاة توفر شروط الأجناس الأدبية والعلمية المذكورة . وهو ما نراه واجبا ثقافيا أصيلا نؤديه بكل حرص واعتزاز كتعبير عن انتمائنا لهذه الأمة ولهذه اللغة العبقرية التي منَّ الله وأنعم بها علينا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.