نَسْبَح ليسَ كما تَسبَحُ الشّمس

رفعت زيتون – القدس – فلسطين

من أغرب ما قرأت وسمعت في حياتي، أن الأرض لا تدور حول الشمس، ولكن حركتها تقترب شكلا إلى ما يشبه الدوران حول الشمس. ولتوضيح الفكرة، فإن الشمس تسبح جارية في الفضاء وتسبح معها كواكب المجموعة الشمسية التي تدور في أفلاكها بفعل الجاذبية. هذه الحركة التي تبدو دورانية، هي بالأصل حلزونية في مدار خاص بها ولكنها تبقى قريبة من أمها الشمس، ولعل الآية الكريمة تصف ذلك خير وصف في تفصيل سيرها في الفضاء، (وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِى فَلَكٍۢ يَسْبَحُونَ). هذه الحركة والسباحة والجريان تبقى إلى أن يكون الاستقرار بالنهاية، (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا). كذلك نحن البشر، نجري ونجري ونجري سعيا وراء الاستقرار، ولا ندري أن الاستقرار يعني النهاية، فلا يظننّ أحد أن في ذلك تحقيق الأحلام. والفرق بيننا وبين الشمس أن شكل حركتها ثابت لا يتغيّر، وربما تهرم وتتغيّر سرعتها، ولكنها لا تتبدل ولا تتلوّن، وأننا نحن البشر من طبعنا التحوّل والتقلّب، وحركتنا سباحة للأمام والخلف، ومشيا وركوبا. حركة فيها البطء والسرعة واللف والدوران، وحتى محاولة الطيران، سعيا وراء سراب الحياة وجناح البعوضة. حركة الشمس صادقة واضحة، لهذا وصفوا الصدق بأنه كشعاع الشمس ساطع، ونحن البشر، ليس فقط أننا نعشق الرياء ونتقن فنّ الكذب، بل أننا نقنع أنفسنا به ونحاول تزيينه في نفوسنا لنجد المبررات لها في ذلك، وربما ذهبنا أبعد من ذلك حينما نُقسمُ على صدق كذبنا. لعلها سُنّةُ السماء وناموس هذا الكون، أن تبقى الشمس على حال صدقها، ونبقى نحن على ما نحن عليه، ربما لأنه لا حاجة للشمس بجناح البعوضة، فتبًّا لجناح البعوضة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى