حصاد الانتخابات المحلية وتكتل الحركة الوطنية الفلسطينية
محمد زهدي شاهين | فلسطين
انجلى غبار معركة انتخابات البلديات والمجالس المحلية الفلسطينية في مرحلتها الأولى وتعددت الآراء في نتائجها، فهناك من قال بأن فتح ما زالت في عافيتها، وهناك من قال بأنها اختبأت خلف العشائر. ولسان حالنا يقول بأننا ما نزال ندور في دائرة مغلقة نحن بأمس الحاجة للانعتاق منها.
هناك الكثير من المقولات ذات الدلالة لكيفية جمع محصول وافر بعد الحصاد، أو دلالات ومؤشرات في كيفية الوصول إلى ذلك الهدف المنشود؛ فمن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل، ومن قدم السبت لاقى من بعده الأحد ودواليك.
فإذا اردنا ان نحصد محصولا ما فلا بد لنا من زراعة الارض أولا، وقبيل الزراعة لا بد من استصلاحها وجعلها أرضاً خصبة؛ لنصل لوفرة المحصول. وإن أي رغبة في الفوز او النجاح هي كذلك، ولن تتحقق دونما توطئة لها، وهذا ما كان يجب الاعداد له.
الكل منا يدرك تماما بأن الحركة الوطنية الفلسطينية أصبحت تخبو وتيرتها شيئا فشيئا لأسباب عديدة مختلفة، وفي مقدمتها وطليعتها حركة فتح العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية.
هذا التراجع لصورة الحركة الوطنية الفلسطينية ولد فجوة في أوساط مجتمعنا الفلسطيني بدأت تحل مكانها النزعة الحزبية الضيقة والمناطقية المقيتة والنزعة العشائرية والجهوية منذ عدة سنوات خلت. وقد زادت حدتها مؤخرا، وخير دليل على هذا رحى المعركة الانتخابية للبلديات والمجالس المحلية التي انتهت مؤخرا، حيث برز هذا التوجه واحتد وطغى وخرج عن طور اللامعقول . يأتي هذا في ظل غياب الثقافة الوطنية، والآداء الضعيف للكثير من السياسيين المحسوبين على مختلف الفصائل والاحزاب الفلسطينية.
لقد كانت رؤيتي من أجل تعزيز صورة الحركة الوطنية الفلسطينية في أوساط المجتمع الفلسطيني وبكافة فئاته هي استثمار هذه الانتخابات وتوظيفها في هذا الإطار من خلال طرح قوائم تضم كفاءات وطنية من حملة الشهادات العلمية، بغض النظر عن توجهها السياسي ما دامت تصب في خانة الوطن، وهذا يشكل تكتلا أو ائتلافاً وطنياً ببعديه الوطني والاسلامي أمام أي مد أخر، ويعزز البعد الوطني لدى الجمهور الفلسطيني، ويسرع من ردم فجوة الإنقسام والتشرذم الفلسطيني، ويقودنا نحو الوحدة الوطنية المنشودة. وهذا ما أشرت إليه في طرحٍ قمت بتقديمه لبعض قيادات حركة فتح عبر رسائل إلكترونية في تاريخ ٧/١٠/٢٠٢١م من أجل أن تتبنى الحركة مضمونه التالي:
(انطلاقاً من أرضية الأخذ بأسباب التشخيص الدقيق والتقييم المستمر في سبيل رفعة شأن الحركة تنظيمياً ووطنيا، أقدّم هذا المقترح فيما يتعلق بانتخابات البلديات والمجالس المحلية والقروية المزمع عقدها عما قريب.
بما أن واقع حركتنا الأبية ليس في أفضل حالاته في هذا الوقت العصيب لأسباب عديدة، في مقدمتها استهدافها الدائم من عدة أطراف لإضعاف صورتها وموقفها أمام جماهير شعبها كونها الرافعة والضمانة لشعبنا وقضيتنا الوطنية، هذا بالإضافة الى ضعف الآداء في الكثير من المواقع والمناطق والأقاليم الذي تراكم بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.
أقدم مقترحي هذا من أجل تفويت الفرصة، ومن أجل تعزيز صورة الحركة في آن واحد، لذا فإنني اقترح بأن يكون توجه الحركة في عدم خوض الانتخابات البلدية والمحلية ضمن قوائم حركية، بل من خلال دعم قوائم وطنية مستقلة تتضمن أسماء وطنية ذات كفاءة، بغض النظر عن توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية.
أو على أقل تقدير عمل تقييم حركي لكل موقع انتخابي، مون ثم تشكيل القائمة بناء على هذا التقييم مع ترجيحي للمقترح الأول.
وهذا الأمر سيساعد في تعزيز صورة فتح في الانتخابات التشريعية والرئاسية فيما بعد، من خلال مخاطبة عقل ووجدان الشارع الفلسطيني والتأكيد عليهم بأن توجّه فتح هو وطني وواقعي واسع، يتناغم مع حس ونبض الشعب، لا توجها فصائليا ضيقا).
هذا الطرح لم يرَ النور بعد، ولكننا نرى بأنه من الممكن العمل عليه في قادم الأيام من أجل الحفاظ على صورة الحركة الوطنية الفلسطينية والوقوف سدّا منيعاً لمنع إضعافها.