البحث عن السعادة
د. فيصل رضوان | الولايات المتحدة الأمريكية
سلامة الصحة الجسدية والنفسية هى محصلة توازن بين الحالة الذهنية من المتعة والمشاعر الإيجابية من ناحية- والإنشغال في نشاط حياتى هادف من ناحية اخرى. ومعاً تتحقق حالة “الرفاهية الجيدة human well-being ” كما وصفها أرسطو فى مصلح “Eudaemonia” يودامونيا — عندما كتب “أن البشر يمكنهم بلوغ الحياة الجيدة من خلال تحقيق إمكاناتهم”. فبعض الأدلة أثبتت فعلًا أن الأشخاص الذين يركزون على تحقيق الأهداف والأنشطة المختلفة يتمتعون بصحة عقلية أفضل، بل ويعيشون لفترة أطول من الأشخاص الذين يركزون على تحقيق مشاعر السعادة الوقتية.
فالمتعة التي تأتي، على سبيل المثال، من وجبة جيدة، أو مشاهدة فيلم أو فوز مهم لفريقك المحبب – هو شعور يسمى” برفاهية المتعة Hedonic”- وهى نشوة تميل إلى أن تكون قصيرة الأجل وعابرة. قد تكون تربية الأطفال أو التطوع أو الدراسة مثلًا أقل متعة. لكن كل هذه الأنشطة تعطي إحساسًا بالإنجاز، وتحقيق الذات، لا سيما على المدى الطويل.
السعادة هي إختيار شخصى. فعندما تفكر فى المكاسب بدلًا عن الخسائر، عندما تكون قادرًا على حساب النعم الكثيرة ، والنظر الى أصدقائك وأحبائك، وعندما تبدأ في رؤية الإيجابيات في حياتك والتركيز عليها ، هنا تصبح أكثر سعادة. عندما تصنع معروفًا لشخص ما، وتتعامل بلطف مع الآخرين تصبح السعادة المتولدة معدية. سوف تزداد سعادتك ورضاك عن ذاتك، ويسعد الآخرون بك. نعم، إنها مسألة إختيار ما تراه فى الصورة، وما الذي تحبه، وما الذي يجب التركيز فيه، وما الذي يجب فعله في حياتك اليومية، حتى تتولد السعادة تلقائيًا.
الإحساس بعدم الرضا، وعدم رؤية أي شيء كافٍ، وعدم الشعور بالامتنان لما لدينا، وعدم الاستمتاع بما هو أمامنا مباشرة، هو سبب التعاسة والشقاء. نظرتك للحياة تساعدك في جلب السعادة والرضا. لذا، أنظر الى نفسك كروح وطاقة ذكية.
أنت تصنع نفسك بأفكارك. أنت تصنع نفسك باختياراتك. الأمر كله متروك لك وأنت مسؤول عن نفسك وسعادتك. فأنت شخص فريد من نوعه، لديك مواهب فريدة. ولديك خطة وهدف للحياة. كن ممتنًا، واقتنص فرصتك وتعلم من الدروس واكتشف حكمتك. وقرر أن تكون سعيدا.
وأخيرا ربما كل ما نحتاج إليه هو الحب. حيث تُظهر دراسة شهيرة لفريق من الأطباء في جامعة هارفارد قاموا بتجنيد 260 طالبًا جامعيًا في دراسة طولية بدأت من 80 سنة، وتتبعوا حالتهم مدى الحياة. بينت النتائج أنه بغض النظر عن المال أو الشهرة أو النجاح الوظيفي أو الطبقة الاجتماعية أو الذكاء، فإن العامل الوحيد الأكثر أهمية في حياة طويلة وسعيدة هو الحب. الروابط الحميمة تحمينا من مصاعب الحياة، وتؤخر الخمول العقلي والتدهور الجسدي، وتتنبأ بالسعادة على المدى الطويل.