د. يحي المشد وأسرار الغرفة 941 بميريديان باريس

منى النجم | العراق

عبقرية مصرية فذة ومهندس البرنامج النووي العراقي وعالم ذرة وهندسة نووية مصري من مواليد مدينة بنها 1932م، تخرج في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية 1952م، واختير لبعثة الدكتوراه في إنجلترا ثم في موسكو، وبعد انتهاء دراسته عاد إلى مصر في 1963م متخصصا في هندسة المفاعلات النووية، ثم عينه جمال عبد الناصر في هيئة الطاقة النووية المصرية وأثناء مباشرته لعمله جاءته دعوة من النرويج لحضور مؤتمر عن الطاقة النووية، وأثناء إلقائه كلمته في المؤتمر تحدث دكتور المشد عن القضية الفلسطينية وعن ضرورة امتلاك مصر والعرب للطاقة النووية حتي يكون الميزان معتدلا بينهم وبين إسرائيل وأمريكا.. وبعد المؤتمر عرضت عليه جماعات يهودية صهيونية الانضمام إلي منظمة أمريكية ومنحه الجنسية الأمريكية فرفض العرض.. وبعدها بيومين قابله ضابط موساد إسرائيلي وعرض عليه العرض السابق نفسه أو بيع أبحاثه وعلومه مقابل أي مبلغ مالي يريده أو أنه سيواجه مخاطر علي حياته، فما كان من المشد إلا أن تركه غاضبا وذهب إلي فندق إقامته وحزم حقائبه وعاد إلى مصر تاركا المؤتمر. وعاد الدكتور المشد إلي مصر وعين أستاذ دكتور بجامعة القاهرة بجانب عمله في هيئة الطاقة النووية المصرية.

ولكن بعد النكسة تم تجميد البرنامج النووي المصري فاستمر في عمله أستاذا بجامعة القاهرة، وبعد حرب أكتوبر أوقفت مصر البرنامج النووي المصري لإتمام عملية السلام، وفي 1975 وقع صدام حسين إتفاقية تعاون نووي مع فرنسا، وسافر الدكتور يحي المشد إلى العراق بعد أن طلبه الرئيس صدام حسين بالإسم.

وانضم الدكتور المشد إلي البرنامج النووي العراقي وقام برفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية لأنها مخالفة للمواصفات مما زاد من ثقة صدام حسين في الدكتور المشد وعينه رئيسا للبرنامج النووي العراقي.

وبعد ذلك أصرت فرنسا علي حضور الدكتور المشد إلي فرنسا للتنسيق ولاستلام اليورانيوم. فسافر بنفسه لاستلام شحنة اليورانيوم الذي سيرسل إلي العراق ومعه 2 حراس أمن عراقيين.. وأثناء إقامة المشد بفندق المريديان في باريس أرسل له الموساد الإسرائيلي عاهرة فرنسية اسمها ماري كلود لاجال إلي غرفته لكي تقيم علاقة معه ويتم تصويرهما ولكن الدكتور المشد رفضها وطردها.. وبعدها بدقائق جاء رجل الموساد الإسرائيلي وطرق باب غرفة الدكتور المشد وقال له:

أفتح الباب نحن أصدقاء، إحنا ولاد عم، ولكن المشد قال له صارخا: اذهب يا كلب أنت ومن أرسلوك.. وبعدها بيوم تسلل رجلان من الموساد الإسرائيلي إلي غرفة الدكتور المشد بالفندق وفي غفلة من حراسه العراقيين وقاما بقتله وتهشيم وتحطيم رأسه تماما.

وفي صباح اليوم التالي وجدوا الدكتور المشد في غرفته مقتولا وتمت التحقيقات في الحادث من جانب السلطات الفرنسية وتم استدعاء العاهرة الفرنسية إلى مقر التحقيق ولكنهم وجدوها مقتولة بعد أن صدمتها سيارة مجهولة وتم إغلاق القضية في فرنسا على أن الفاعل مجهول.. وبعد اغتيال الدكتور المشد بشهر تم تدمير المفاعل النووي العراقي في المدائن بضربة طيران إسرائيلية أمريكية أثناء الحرب الإيرانية العراقية.

والغريب أنه بعد نبأ اغتيال الدكتور المشد مباشرة قطع راديو وتلفزيون إسرائيل إرساله ليذيع علي الإسرائيليين خبر عاجل نصه:

سيكون من الصعب جدا علي العراق مواصلة جهودها من أجل إنتاج سلاح نووي في أعقاب اغتيال دكتور يحي المشد بباريس منذ قليل، وفي اليوم التالي جاءت المقالة الرئيسية لصحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية بعنوان:  كل الأوساط في إسرائيل تلقت نبأ اغتيال الدكتور يحي المشد بسرور وفرحة.

وبعد عودة حارسا الأمن العراقيين إلى صدام حسين بدون المشد قتلهما صدام حسين بنفسه، وفي 1998 اعترفت إسرائيل وأمريكا في فيلم وثائقي باغتيال الدكتور يحي المشد بالتعاون مع المخابرات الفرنسية، وقالت إنها طلبت من المخابرات الفرنسية أن تصر علي استدعاء المشد إلي فرنسا لاستلام اليورانيوم الذي سيرسل للعراق، وذكر الفيلم أن الموساد الإسرائيلي عرض علي الدكتور المشد الجنس والمال والسلطة وأي جنسية يختارها وذلك مقابل تعاونه معهم، وعندما وجد الموساد الإسرائيلي رفضا قاطعا من المشد قرروا قتله.

وفي يوم 14 يونيو 1980 تم اغتيال الدكتور يحي المشد في الغرفة 941 بفندق ميريديان في باريس ..

 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى