حين يواجه الشاعر نفسه

زيد الطهراوي | الأردن

لا بد للمرء من إرادة قوية تلجأ إلى خالق البرية و تعترف بضعف البشرية فتسامح النفوس التي ظلمت.. أتظن نفسك يا مسكين بلا أخطاء فتغتر و تحاسب الناس على الصغير و الكبير بلا إغضاء و تريد بعدها أن تعيش هادئ البال في بيت الصفاء

ها أنت ذا تقول:

لقد غاب عني الحبيب الرفيق

فكيف التلاقي يكون سعيدا

///

و عندي همومي و عندي عذابي

و مات الصديق و صرت وحيدا

///

فيا ليت شعري أأمضي وحيداً

و يا ليت شعري أأبقى شريدا

قلت : لقد كان حبيباً رفيقا ، ثم عدت تقول : مات الصديق، الصديق هو الرفيق الحبيب إذن ، و موته هو ظلمه لك التلاقي السعيد الذي تطمح إليه هو مع صديق آخر كما تريد أن تجعلنا نفهم ؟أم أنه مع نفس الصديق الذي ظلمك؟

قم و صالحه يا فتى أم أنك تريد مقدمات عجيبة قبل الصلح  كما قلت من قبل في قصيدتك : لماذا تعود؟

لقد نصحت صديقك في قصيدتك لماذا تعود  أن يشعر بعظم جريمته و لا يبادر إلى الصلح بجراءة و كأنه لم يفعل شيئا تريد أن يشعرك أنه أحس بخطئه و في هذا رد لمكانتك و احتراماً لذاتك و لكن ربما يطول الأمر و ربما يدخل المفسدون بينكما

و ماذا عن قصيدتك شموخ حب التي رفعت فيها معنويات الكسير الذي كافح العالم كله وقلت فيها :

وأمام حزنك تستظل شماتة

بظلال شوك من عدو الزنبق

///

ولربما نسج الشماتة صاحب

بخيوط أطباع بدت كالخندق

أما العدو فربما لا تستطيع أن تبني معه جسور الإخاء فماذا عن الصاحب الذي يحبك من الأعماق و لكن خلقه السيء آذاك

ألا يحتاج منك إلى رأفة يعني فتصفح عنه و تنصحه

ألم تقل في قصيدتك همسات الأُخُوَّة :

فمتى الأخوة تستنير بنبضها

و متى تفوز العين بالأحباب

///

و متى يهاجر عن منابعنا الأسى

و نصاحب الأنداء فوق هضاب

فكيف تستطيع أن تحافظ على الأخوة دون مسامحة تلو المسامحة ؟

ما أريده منك أن يكون شعرك سالماً من العاطفة الضعيفة.. فقد تأتي الإنسان أوقات يكون فيها مشفقاً على نفسه فيزمع هجر أخيه لسوء تصرف صدر منه ثم يستفيق من لحظة الضعف و يمد يد المسامحة إلى أخيه لحظة الضعف هذه لا أريد أن تظهر في شعرك خشية أن يقرأها عابر فيطبقها و لا يعلم أن شاعرها قد تبرأ منها إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى