رياضيات نصية ?what are trying to smoke

نداء يونس | فلسطين

هذه واحدة من العبارات التي اشتغلت بها وانشغلت بها أثناء ترجمتي لشيء ما، لا لأنها تحتمل ترجمات متعددة، بل لأن التعدد المفترض يطرح اسئلة عن انفتاح السياقات على احالاتها ودلالاتها وكيفية آخذها بعين الاعتبار في الترجمة.
أثارت هذه الجملة أسئلة حول قدرة السياقات الأحادية على استيعاب تمفصلاتنا المزودوجة أو المتعددة في محيط لا أقول إنه يعيش ثنائية السطح والعمق، لأن العمق بعد إجرائي منعدم تقريبا في عالمنا العربي لأسباب لا أود الخوض فيها، بل لأنه يسير على خط أفقي X وبالتالي، فإن ارتباط متغيراته يظل مرهونا رياضيا على الأقل إلى نقطته الراهنة أو الأمام الذي لا يعني أكثر من تموضع مخاتل يستدعي مرجعياته لا تلك المرجعيات الرياضية الثابتة في النقطة M بل مرجعيات المنظومة المؤسسة للشكل الهندسي: للشكل الثقافي، السياسي، الاجتماعي، الفكري السطحي المطلوب، ويظل محكوما فيزيائيا إلى سؤال الزمن في جغرافيا الأبعاد المتشابهة.
ففي نص عملي، يمكن ترجمة هذه الجملة إلى “ما الذي تود قوله؟ ما الذي ترمي إليه؟ وحيث إن المعنى هنا مرتبط بالفكرة المراد ايصالها، إنها اشتغال ببعد أيقوني.
أما إذا وردت في نص شعري فإنها تحمل صورة الهندي الأحمر الذي كان يوصل الرسائل من خلال لغة تشبه لغة بريل لكن باستخدام الدخان، وببعد إشاري لا يخفى، فهل يمكن أن يغفل المترجم إسقاطات الهندي الأحمر من الترجمة في نص يحتمل ذلك؟ وهل تكفي أيقنة العبارة فقط في نص يتجاوز الإشاري إلى الرمزي (السيمائية تعمل هنا بشكل مذهل).
بهذا، يمكن أن تتراوح ترجمة النص بين إبدالات، سقفها رمزية الترجمة ذاتها لا الأصل وبين عدة احتمالات قد لا تكون الترجمات المقترحة احداها اذا كنا نترجم نصا غير شعري:
ماذا تقول في رسائل الدخان؟
او
ما الذي تحمل الأدخنة من الكلام؟
أو
تحكي الأدخنة، ما تقول؟
او
ما الذي يجره دخان الكلام؟
وهكذا..
إعلاميا وسياسيا، الترجمة سهلة، ماذا لديك؟ ويصبح السؤال هنا عن الرؤية وحيث يصبح اشتغال الترجمة على البعد الإخباري والإبلاغ فقط اي على تداولية النص.
جملة من هذا النوع ليست مشكلة بل ما تستحضره من الغياب؟ السؤال هو سؤال التخبط، هذا هو المقال فما الذي يمكن أكثر أن يقال، من يملك الرواية اقصد الكلام بل الأدخنة، من يملك القول وأدواته ومن يخلق بعده المعرفي والسيميائي، أو من الذي يقبض على مدى الهنود الحمر في الاختزال والايغال من خلال الإشارات التي عبرت تاريخ الكلام ويحكي ويقول رسالة بغض النظر عن الحقيقة؟
سؤال اللاموجود هنا يمكن احالته على سياقنا الحالي:
What is israel trying to smoke?
Do the Palestinians have anything to smoke?
بالتالي، يكون السؤال الدائم هنا لا عن الأدخنة ولا الإشارات ولا الكلام ولا صحة الترجمة، لكنه السؤال عمن يملك النار؟ وهذا بحث يخرج على الجملة ذاتها، الى القيمة التي نملك او لا نملك، وهذه قضية لنقاش ابعد، الامر فيها محسوم، نحن لا نملك؛ أما الأسباب فموضوعها شائك ويحمل بعدا سياسبا غير خفي أدى إلى تزاوج مقرف بين السياسي والعشائري وراس المال المسمى بالوطني لبنتج ثلاثية تسير بالقضية الى شيخوختها وموتها او على الأقل وقوفها على الخط الأفقي x ضمن مرجعياتها هي لا السياق والمنطق، وتتحول بهذا إلى استعراض لغوي مخاتل لا يراوح مكانه وإلى احتفاليات بالشخوص وبالوهم الذي لا يضيف ولا يحرر شبرا، لأن الذي يملك الأدخنة/ الكلام يمتلك الفعل ونحن تحولنا بفعل التزاوج المقرف والمفروض سياسيا لإدارة المرحلة الى حطب ودمنا إلى شعارات واختلافنا التاريخي إلى قصة على شاشة مائعة ومقولتنا التي تنحت في التضييع إلى قوله للنسيان والتلميع الاجوف للفارغين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى