شاهد واستمع صلاح بوسريف وجديده ” كوميديا العدم ” يخوض في ما بعد الموت
هكذا يجري التخييل في هذا العمل الشعري، الذي هو، ضمن المشروع الشعري لصلاح بوسريف، نص واحد من 276 صفحة، من القطع الكبير.
العمل، هو اشتغال شعري تشكيلي، بقدر ما يقودنا فيه صلاح بوسريف نحو عوالم الغموض والالتباس، والدهشة، ويضعنا في سياق من الخوف والرهبة والارتباك، يعمل الشاعر والفنان التشكيلي الأردني، محمد العامري، على مضاعفة هذا الخوف والرهبة والارتباك، برسوماته التي توازي العمل الشعري، وتزيد من عوالم الرهبة والغموض فيه.
عمل شعري تشكيلي، فيه يتقاطع الشعر والتشكيل، في سياق جمالي، ينقلنا إلى عوالم غير منتوقعة، عوالم فيها يتحول الشعر، نفسه، إلى كتابة تتضافر فيها أصوات، وشخوص، وحالات، ومواقف، تتسم بالغموض الذي هو غموض العدم نفسه. والنص، في هذا العمل، هو نسيج، فيه تتشابك الدوال، والرموز الإشارات، بنوع من السيماء التي تخرج بالشعر نفسه من القصيدة إلى ما يسميه بوسريف بحداثة الكتابة، التي تصبح فيها الصفحة دالا شعريا، ينأى بالنص عن الخطاب في معناه الشفاهي، ليكون كتابة، ونسجا، اليد فيه من تقوم بحياكة هذا النسيج، الذي تتداخل وتتصادى فيه أنواع الكتابة مع بعضها، من خلال العودة بالشعر إلى بداياته التي كان فيها عملا، لا قصيدة، كما في الشعرية العربية، في ماضيها وراهنها.
في عوالم ما بعد الغياب، دانتي، هذه المرة من يقود الشاعر، ويكشف له مداخل بعض العوالم التي مر بها، قبل أن تتحول الرحلة إلى مواجهة الشاعر لنفسه في أكوان غريبة، مليئة بالرهبة والنسيان.
نحن، أمام شعر آخر، كنا يقول الشاعر نفسه، كتابة توسع مساحة الشعر، وتلتمس الشعر في كل شيء، في المعنى الملحمي، الذي يستعمل الغنائية، كمكون، لا كبناء، أو عنصر مهيمن على هذا الشعر الآخر، الذي تحرر من القصيدة، من هيمنة الصوت والشفاهة، وأجج الحواس، بنوع من التجاوب الذي تصير فيه هي الجسد في وضع الكتابة، كما كانت تفعل إرتشن، في نسجها للثوب، بنوع من الحياكة الأسطورية التي لا تضاهى.