ابتهال
جمانة الطراونة | الأردن
لوحة زيتية للرسام الروسي فيكتور سافرونوف
مِنْ أيِّ أبوابِ القصيدةِ أدخلُ ؟!
وبأيِّ أثوابِ الرؤى أتجمّلُ ؟!
لغتي أمامَكَ لا تليقُ وقدرتي
تنهارُ كُلّيّاً إذا أتبتّلُ
لا شيء إلّا الدمعَ أملكُهُ فهل
تغني مدامعُ طامعٍ يتوسّلُ ؟!
فاضتْ دموعي عندَ بابِكَ خشيةً
وسفحتُ روحي فالمحبّةُ أجزلُ
مازلتُ والأسماءُ روضٌ مزهرٌ
كفراشةٍ نشوانهٍ تتجوّلُ
العطرُ دوّخني فما أبصرتُهُ
قد فاقَ مراتٍ لما أتخيّلُ
فاللهُ مختصرُ الحكايةِ كلّها
والبدءُ والختمُ المثيرُ الأجملُ
يا ربّ قدْ بلغَ المريدُ بشوقهِ
أضعافَ ما يرجو وما يتأمّلُ
فإذا ضَعُفْتُ فإنّ وصلَكَ قوّةٌ
وإذا التجأتُ فأنتَ وحدَكَ موئلُ
يا ربّ قدْ شبَّ الحنينُ بأضلعي
وأنا برغمِ الصبرِ لا أتحمّلُ
أرجو لقاكَ فقدْ بلغتُ مِنَ الجوى
ما لايطاقُ وليس لي مُتعلّلُ
فإذا استبقتُ فإنّ لهفي سابقٌ
وإذا عجِلتُ فإنّ قلبيَ أعجلُ
وعلى اسمِكَ المفتولِ حبلاً من دمي
سألّف خُضرَ المفرداتِ وأفتلُ
مولايَ وانقطعتْ حبالُ تعلّقي
بالآخرينَ وحبلُ ودِّكَ يُوصَلُ
وبكَ اغتنيتُ فليس لي من حاجةٍ
إلّا إليكَ و وحدَكَ المُتفضّلُ
يا ربّ لا نورٌ سواكَ إذا دجا
مِنْ حولي (الليل البهيم الأليلُ)
وأنا بفضلِكَ حين أدخلُ عَتمةً
لا أقلقُ المصباحَ فاسمُكَ مِشْعَلُ!
فتركتُ يا ربّي عليكِ حمولتي
إذْ لا تواكُلَ إنّما مُتوكِّلُ
يا منتهى الأنوارِ أدلجَ عالَمي
وبكَ استعنتُ وأنتَ نورٌ أكملُ
جيشٌ مِنَ الآثامِ يزحفُ قاصداً
قلبي العفيفَ وفي دمي يتوغّلُ
وأنا بحبلِكَ يا إلهي ممسكٌ
فالعروةُ الوثقى السبيلُ الأمثلُ
سبحانكَ اللهمَّ حرزُ معلّقٍ
باللطفِ مِنْ أحزانهِ يتعلّلُ
فالصابرون إذا أصابهم الردى
حمدوا الإله وسبّحوهُ وحوقلوا
مِنْ ” بسمِكَ اللهمّ ربّي ” المدخلُ
وإلى ” تقبّلْني بعفوِكَ ” أرحلُ
الشوقُ في صدري حريقٌ مُزمنٌ
وقصائدي والوعدُ وجهُكَ مرجلُ
يا للدعاءِ وقد نسجتُ خيوطَهُ
صوفاً فـ ” آمينُ ” الإجابةِ مغزلُ
من ” راءِ ” يا رحمٰنُ حتّى ” نونِها”
وأنا بأسبابِ الرجا أتأمّلُ
ويدي يدي العُليا بكلِّ تذلّلٍ
مولايَ بين يديكَ ها أتسوّلُ
فأنا الفقيرُ إليكَ عفوكَ غايتي
ورضاكَ فاقْبلني بمَنْ تتقبّلُ
في سورةِ الإخلاصِ مُجملُ رحلتي
إذْ غايةُ التوحيدِ لا تتفصّلُ
آمنتُ عن وعيٍ وكلُّ علاقةٍ
بالله لولا الحبُّ لا تتأصّلُ
يا ظاهراً يا باطناً يا مبدئا
يا منشئاً يا آخراً يا أوّلُ
يا واحداً يا ماجدا يا واجدا
يا رازقاً يا واهباً لا يبخلُ
يا باسطا يا خافضا يا رافعا
يا مانعا يا جامعا لا يغفلُ
يا بارئا يا مؤمنا يا باعثا
يا قادرا يا قاهرا لا يُسألُ
يا أيّها المتعال جئتُكَ تائباً
أرجو رضاكَ و وحدكَ المتقبّلُ
يا والياً يا محصياً يا حاكماً
يا قابضاً يا شاهداً لايغفلُ
يا راحماً يا سامعاً يا مبصراً
يا باعثاً يا غافراً ما نفعلُ
يا عادلاً يا مؤنساً يا مرشداً
يا فاصلاً يا واصلاً لا يُجهلُ
يا ربُّ يا نورَ السماواتِ العُلى
والأرض جئتُ إلى معينِكَ أنهلُ
ربّاهُ ليس الراء إلّا رهبتي
والباءُ بوحي كلّما أتوسّلُ
فتخونني الكلماتُ إنْ حمّلتُها
ثِقلَ المقامِ وصامتاً أتبتّلُ !
بفتوحِ رحمتِكَ العظيمةِ لا بما
كسبتْ يدايَ ولا بما قد أفعلُ